حرية الصحافة الفلسطينية: صراع من أجل الحقيقة

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

ذ.عبد القادر الفرساوي

 

 

 

في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، يبرز واقع الصحافة الفلسطينية كأحد أبرز الجوانب التي تعكس المعاناة اليومية للشعب الفلسطيني. في لقاء جمع رئيس نقابة الصحفيين الفلسطينيين ناصر أبو بكر مع ممثلي منظمات وصحفيين إسبان في مدريد بتاريخ 24 يناير 2025، كشف أبو بكر النقاب عن واقع قاتم يعيشه الصحفيون الفلسطينيون منذ تصاعد الصراع في أكتوبر 2023.

صرّح أبو بكر أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الأخير خلّف خسائر فادحة في صفوف الصحفيين الفلسطينيين، حيث قُتل أكثر من 200 صحفي، وأصيب 400 آخرون، منهم 50 باتوا يعانون من إعاقات دائمة. إضافة إلى ذلك، تم اعتقال 160 صحفيًا، بينما دُمّرت 133 مؤسسة إعلامية، منها 20 إذاعة محلية. “لقد حاولوا قتل الحقيقة بقتل شهودها”، بهذه الكلمات عبّر أبو بكر عن حجم التحديات التي تواجه الصحافة الفلسطينية. هذا الواقع يُظهر مدى التهديد الذي يطال حرية الإعلام في فلسطين، ويثير أسئلة عن مستقبل العمل الصحفي في ظل هذه الظروف.

من القضايا التي أثارها أبو بكر بقوة في اللقاء هو منع الصحفيين الأجانب من دخول قطاع غزة، رغم وجود أكثر من 4000 صحفي أجنبي – معظمهم من أوروبا – حاولوا الوصول إلى المنطقة لتغطية الأحداث. أشار إلى أن هذا المنع هو محاولة لطمس الحقيقة ومنع العالم من معرفة ما يحدث على الأرض. وطالب أبو بكر جميع الجهات الدولية والمؤسسات الصحفية بالتحرك الفوري لإدانة هذا المنع والدفاع عن حق الصحفيين في الوصول إلى المعلومات ونقلها بحرية.

أكد أبو بكر على ضرورة توفير حماية دولية للصحفيين الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن الصحفيين ليسوا فقط ناقلين للأخبار، بل هم جزء من المقاومة السلمية التي تصمد في وجه الاعتداءات. كما شدد على أهمية الدعم العاطفي والتضامن الدولي مع الصحفيين الفلسطينيين الذين يواجهون تحديات جسيمة في ظروف عمل قاسية.

أعربت المنظمات الصحفية الإسبانية، بما في ذلك اتحاد جمعيات الصحفيين الإسبان (FAPE) واتحاد نقابات الصحفيين (FeSP) ونقابة الصحفيين التابعة لاتحاد العمال العام (UGT)، عن تضامنها الكامل مع الصحفيين الفلسطينيين. وأكدت على أهمية الدفاع عن حرية الصحافة واحترام الأخلاقيات المهنية، مشددة على أن الإعلام الحر هو أحد أعمدة الديمقراطية وحقوق الإنسان.

إن ما يواجهه الصحفيون الفلسطينيون ليس مجرد انتهاك لحقوق الإنسان، بل هو محاولة ممنهجة لإسكات أصوات الحرية وطمس الحقيقة. في ظل هذا الواقع، تظل الصحافة الفلسطينية صامدة، تناضل من أجل إيصال صوت شعبها إلى العالم، مدعومة بتضامن دولي يجب أن يتحول إلى خطوات عملية لحمايتها وتعزيز دورها. يبقى السؤال الملحّ: إلى متى ستستمر هذه الانتهاكات في ظل صمت المجتمع الدولي؟ وهل ستتحقق يومًا رؤية صحافة فلسطينية حرة تنقل معاناة شعبها دون قيود أو خوف؟.

إيطاليا تلغراف

 


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...