صدر حديثا تعلن دار جبرا للنشر والتوزيع عن إصدار كتاب بعنوان صمت من أجل غزّة، أنطولوجيا قصصية من إعداد الكاتبتين رقية العلمي ورقية كنعان. وقد جاء الكتاب في 160 صفحة من القطع المتوسط، وشارك فيه مجموعة من الكتاب العرب هم: اسماعيل العرب، إيمان السكارنة، خالد القديسي، ختام الحنيطي، رقية العلمي، رقية المجالي، رقية كنعان، رندة البحيري، سليم المغربي، د. صافي العمّال، طه الفتياني، ماجد حسين البكار، محمد رسلان، موسى أبو رياش، وفاء باعشن، وفاء حميد، ياسر أبو شعيرة وعن إصدار الكتاب، ورد في مقدمته بقلم معدّتيه: صعبٌ أن تكتب عن حدث ساخن لا زالت ناره مشتعلة وشلالات الدم المسكوبة فيه لم تتوقف بعد، ومن الخذلان ألا تفعل، فإن لم نكتب متضامنين مع قيم الحق والعدالة والحرية والإنسانية، فما الذي يستحق الكتابة عنه إذن؟ كنا قد أعلنا عن النية في إصدار هذا الكتاب وحرب الإبادة على غزة لا زالت مستمرة بدعم غربي غير مسبوق، في وقت كانت فيه العيون متسمرة على الشاشات الإخبارية، والأرواح متعطشة إلى أخبار تسر الخاطر في فيض سيل أخبار الأعداد الجنونية للضحايا وحكايا الفقد بالجملة، في عالم متوحش عاجز محكوم بطغمة فاسدة، وكنا نتسائل كيف للكتابة أن تختزل هذا الوجع؟ وما الذي ستغيره؟ ستبدو الكلمات واهنة كل مرة، وسيغدو الصمت أقوى، وقد استعنا بعنوان اختاره الشاعر الراحل محمود درويش في وصفه لغزة وتفرد حالتها في فصل سابق من ملحمتها البطولية في المقاومة، كان نصه ذاك بعنوان صمت من أجل غزة.. ومما يقول فيه: “ونظلم غزة حين نحولها إلى أسطورة لأننا سنكرهها حين نكتشف أنها ليست أكثر من مدينة فقيرة صغيرة تقاوم وحين نتساءل: ما الذي جعلها أسطورة؟ سنحطم كل مرايانا ونبكي لو كانت فينا كرامة أو نلعنها لو رفضنا أن نثور على أنفسنا” حاولنا في هذا الكتاب أن نعطي نافذة لأكبر مجموعة من الكتاب دون قيود على العمر أو الجنس أو الجنسية، لئلا تتسرب الحكايات من بين أصابعنا، ولتبقى الذاكرة متوهجة بجمر الأحلام المدفونة تحت ركام المنازل المهدمة والمستشفيات المقصوفة والخيام التي لا تقي من البرد، ولتبقى المقاومة المتجذرة في تراب غزة المجبول بالدم والدموع والتضحيات.
ولأن غزة قضية عربية وإنسانية وعالمية مثلما هي قضية فلسطينية، كان الإعلان عن هذا الكتاب وتجاوب معه عدد من المهتمين من الأردن وفلسطين والعراق وسوريا ومصر واليمن، تنوعت قصصهم فمنها ما مال إلى الاسترسال أو الاختزال متناولة لمحة أو أخرى من مشاهد حرب غزة، ليصدر الكتاب أخيراً، ونحن لا زلنا نتابع أخبار غزة فقد طالت الحرب وطال الصمت الذي لم يكن من أجل غزة، وزاد الصلف العالمي بالغا ذروته في دولة عظمى يتحدث رئيسها عن شراء أو السيطرة على غزة وتشريد أهلها علناً. وكم وددنا لو كان الكتاب وقصصه بأقلام أبناء غزة أنفسهم، كونهم الأحق برواية قصصهم، لكننا أيضا نؤمن أن خطوات صغيرة متراكمة أفضل من الوقوف العاجز بانتظار خطوة كبيرة قد تتأخر، ونحن بالكاد نلتقط أنفاسنا في متابعة الأحداث المتسارعة في هذه البقعة المكلومة من الأرض. ولأن غزة جزء من فلسطين، ولأن الحكاية لم تبدأ في السابع من أكتوبر، ولأن للأدب دوره، اخترنا أن نقصّ من أجل غزة، وأن نرفع صوتنا مهما بدا الصمت أكثر مهابة، ومهما بدت كتاباتنا أصغر من غزة ومن أحلام أصغر طفل فيها.