طلحة جبريل
يطرح علي بعض رواد الشبكات الاجتماعية، ومنهم من أقدرهم حق التقدير، سؤالاً بشأن الكتابة عن ما يحدث في السودان.. وغزة.
على الرغم من أنني كتبت مراراً عن السودان وكذلك عن غزة، وجدت لزاماً علي أن أشرح وأوضح حتى لا يلتبس الأمر على الذين يطرحون السؤال، سواء كانت دوافعهم نبيلة أو أولئك الذين لهم مآرب أخرى.
في الشأن السوداني أود الإشارة إلى بعض المعلومات، ليس للتباهي ولكن للتوضيح، إذ لا يجوز التباهي مطلقاً عندما يتعلق الأمر بالأوطان.
المحطة الأولى كانت أيام الدراسة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، كنت آنذاك رئيساً “لاتحاد الطلاب السودانيين في المغرب” ، وكنت معارضاً لنظام جعفر نميري ، أقنعت زملائي باحتلال السفارة السودانية في الرباط ، وكان رد فعل نظام نميري إرسال طائرة عسكرية لتنقلنا إلى الخرطوم ومحاكمتنا أمام محكمة عسكرية بما يعنيه ذلك، وكانت تنتظرنا حتماً عقوبات قد تصل إلى الإعدام ، لأن احتلال السفارة تزامن مع محاولة انقلابية في الخرطوم، لكن المغرب رفض طلب تسليمنا، وتلك قصة طويلة.
المحطة الثانية كانت مع انقلاب “الإسلاميين” في السودان (يونيو 1989)، عارضت ذلك الانقلاب والنظام الشمولي منذ اليوم الأول، حتى سقوطه بعد اندلاع “ثورة الشباب” في أبريل2019، وأعتز بأننا شاركت في صياغة أحد شعارات الثورة، وأقترح علي عبدالله حمدوك منصباً بعد نجاح الثورة واعتذرت، إذ كنت ضد تولي “العسكرتاريا” مجلس السيادة الذي يوازي منصب رئيس الدولة.
ثم زرت الخرطوم بعد غيبة طويلة وكان ذلك في أغسطس 2021، و من المفارقات تحدثت في حوار صحافي عن ضرورة تسليم المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية بسبب الانتهاكات الواسعة في دارفور، ومن بينهم من يتقاتلون الآن في السودان ويدمرونه، أكثر من ذلك قلت بالحرف “أتوقع نظاماً شمولياً آخر يكون من أسوأ ما عرف السودان”.
بشأن الوضع المأساوي في غزة، كتبت الكثير، وحالياً أشارك في حملة منظمة “آفاز” التي أتشرف بعضويتها لإنقاذ أطفال غزة. أطلقت “آفاز”، الحملة في جميع أرجاء العالم للضغط على صناع القرار في أي مكان من أجل إنقاذ أطفال غزة.
عن مسألة الكتابة المستمرة عن تطورات الأوضاع في غزة، أود التشديد على جانب مهني. العمل الصحافي من الزاوية المهنية لا يمكن أن يكون إلا عملاً ميدانياً، إذ لا يجوز أن يغطى صحافي الأحداث وهو على بعد آلاف الكيلومترات.
كنت صحافياً وما زلت صحافياً وسأبقى صحافياً طبقاً للقواعد المهنية للصحافة.