طلحة جبريل
يتردد أن مشروع “كتاب في جريدة” الذي كانت قد أطلقته منظمة اليونسكو عام 1995 يمكن أن يعود في صيغة أخرى، ليس لدي تفاصيل. هناك من يرى أن الأوضاع الخانقة التي تعرفها الصحف الورقية حالياً تجعل من الصعب إحياء ذلك المشروع. مشروع “كتاب في جريدة” بدأ في الأصل في بعض دول أمريكا اللاتينية لتوزيع كتب مكتوبة بالإسبانية والبرتغالية، وأُطلق عليه “الكتاب الدوري”، وفكرته بسيطة لكنها من الأفكار المضيئة، وهي إصدار كتاب في كل شهر كملحق في حجم التابلويد يوزع مع إحدى الصحف مجاناً تشجيعاً للقراءة، أي أنك تشتري صحيفتك اليومية وبالسعر نفسه وتجد بداخلها كتاباً. المعادلة مع الكتب مختلة، إذ إن تكلفة الورق والطباعة في تصاعد والقدرات الشرائية في دولنا في تدهور، كما أن وسائط الإعلام الحديثة على الإنترنت قلصت الإقبال على القراءة. على سبيل المثال “الشبكات الاجتماعية” تمطرنا بالكثير من الغث. ولعلهم في الغرب، خاصة في الدول الاسكندنافية، فطنوا إلى هذه المسألة، لذلك يعلمون الأطفال منذ صغرهم التعود على قراءة الكتب تحديداً. في أميركا على سبيل المثال ينصحون الآباء بأن يقتصر مشاهدة الأطفال الذين يدرسون في المدرسة الابتدائية على التلفزيون بعد عودتهم من المدرسة لمدة لا تزيد عن ساعة في اليوم ، ثم يقترحون أن يقرأ الطفل يومياً نصف ساعة في أي كتاب، ثم يكتب ثلاث فقرات يلخص فيها انطباعاته حول ما قرأ.الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل لا بد عندما يذهب الطفل إلى سريره، وأن يقرأ له أحد الأبوين من كتاب آخر حتى يستغرق في النوم. من خلال هذه الصرامة، يمكن أن نفهم لماذا يحرص الناس في الغرب على قراءة الكتب في كل مكان خارج أوقات العمل،لأنهم يتعودون منذ الصغر على القراءة. في ظني أن متعة القراءة لا تضاهى، وزادت مع الكتاب المسموع، أي الكتاب المسجل على قرص يمكن تحميله في الأجهزة الصغيرة التي تستخدم لسماع الأغاني والموسيقى. كنت قد لاحظت أنهم يقرأون “الكتب المسموعة” عندما يمتطون دراجاتهم للنزهة. أتذكر أن أول كتاب وُزع في نوفمبر 1997، كملحق مجاني مع عدد من الصحف العربية بعنوان “مختارات من شعر المتنبي”، قدم له آنذاك الشاعر أدونيس. بيد أن المشروع تعثر عام 2003 بسبب شح موارد اليونسكو التي تأثرت كثيراً بعد مقاطعة أمريكا لها. يعود الآن الحديث من جديد عن إحياء مشروع “كتاب في جريدة”.