الصحافيون والصيف والعطلات

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

طلحة جبريل

 

 

 

لعل من المفارقات أن أخبار هذا الصيف قليلة، مما يجعل وسائل الإعلام ، وهنا أتحدث عن الكم ، تجد الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة، صعوبة في ملء صفحاتها أو نشراتها الإخبارية، بينما اتجهت الصحف الإليكترونية نحو محتوى الفيديو.
بعض المحررين في وسائل الإعلام يعتقدون أن الأخبار التي يقبل عليها المستمعون والمشاهدون والقراء، هي تلك التي تبحث عن الإثارة ، وتربط الإثارة في ذهنهم بما تقوله “مدرسة كولومبيا” التي تحدد الإثارة في خمسة عناصر: الحاكم والدين والجنس والجريمة والغموض.
الراجح أن وتيرة العمل تتباطأ في الصيف، لذلك يكون هذا الفصل في كل العالم مخصصاً للعطلة. لا أعتقد أن في هذا القول جديدًا، فهذا أمر بديهي يعرفه الجميع. لكن مهلاً، ليس هذا هو القصد، فحديثي سيكون عن الصحافيين والعطلة.لذلك أطرح السؤال بصيغة واضحة: متى يذهب الصحافي في عطلة؟
الجواب المنطقي سيكون عندما يرتاح صناع القرار وتتباطأ وتيرة الأحداث. ومتى يحدث ذلك؟
الجواب: غالباً في الصيف.
نظريًا، هذا كلام معقول؛ عملياً، هذا كلام فارغ، خاصة إذا كان هناك قادة مثل كيم جونغ أون في كوريا الشمالية، الذي يتلهى بإطلاق الصواريخ بدون أي معنى، أو يرمي معارضيه للأسود الجائعة، ورئيس آخر مثل دونالد ترامب يصدر في كل يوم قراراً يثير الاستغراب. لندع دونالد ترامب وكيم جونغ أون جانباً.
أعود إلى العطلة.
منذ سنوات، قررت أن تكون عطلتي في ديسمبر من كل عام. لم يكن ذلك اختيارًا عشوائياً بل فرضته متطلبات مناخية، إذ كانت قريتي في السودان تشهد صيفًا شديد الحرارة، حيث تصل درجات الحرارة أحيانًا إلى 50 درجة مئوية، أما في الشتاء فتكون على أبواب الجحيم. ولأن ديسمبر هو الأقل حرارة، إذ تكون درجة الحرارة في حدود 30 درجة مئوية فقط، بدا ديسمبر شهرًا ملائمًا للعطلة.
هكذا أصبحت أتمتع بالعطلة في أواخر كل سنة؛ أذهب إلى هناك لرؤية الأهل، ولأَتَصَبَّب عرقًا، ثم أعود إلى الرباط.
بيد أن أحوال السودان والحرب الأهلية التي دخلت سنتها الثالثة، أجبرت معظم الأهل على النزوح، وفي بعض الأحيان اللجوء، وبالتالي لم تعد هناك عطلة. وبما أن الأخبار شحيحة، لم يبق لنا مع مهنتنا هذه سوى التأمل.
الناس المتحضرون، أي أولئك الذين تسير حياتهم في نظام وانتظام ودقة وتخطيط، يعرفون متى تبدأ العطلة وأين ستكون وما هي ميزانيتها. أما أنا، فلا أدري. دعواتي لكم سواء كنتم في البحر أو البر وفي جميع القارات بالهناء وراحة البال.

إيطاليا تلغراف

 


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...