طلحة جبريل
أقول جازمًا إن أقصى ما يبحث عنه الصحافي هو “المعلومة”. معلومة تعزز مصداقيته لدى متلقٍ يتزايد إحساسه بالملل مما يقرأ أو يسمع أو يشاهد، مما يجعله في أغلب الأحيان يعزف عن متابعة وسائل الإعلام، اعتقادًا منه أن الحقيقة لا توجد في هذه الوسائل، بل قد يجدها في الهواتف المحمولة!
يقيناً، أن “المعلومة” التي يبحث عنها كل من يتابع الشأن العام هي:”ماذا يحدث؟”. الراجح أن المصادر التي تملك هذه “المعلومة” هي الحكومة والأحزاب والمجتمع المدني.
لنضع “الحكومة” جانباً، ونتحدث عن التواصل بين الأحزاب والمجتمع المدني مع وسائل الإعلام.
أقول باطمئنان أن هناك خمسة أحزاب في المغرب تتواصل إلى حد ما. هذه الأحزاب بترتيب مقصود هي: “العدالة والتنمية”، و”التقدم والاشتراكية”، و”الأصالة والمعاصرة”، و”حزب الاستقلال”، و”الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”. في حين اختار “التجمع الوطني للأحرار” أن يتكفل آخرون بالتواصل نيابة عنه.
يمتلك “العدالة والتنمية” “ماكينة تواصل” تعمل يوميًا بجميع وسائل الاتصال. هذه “الماكينة” تحدد ما يمكن أن يقال. لكن عندما يتعلق الأمر بالخفايا، تُمرّر تلك المعلومات إلى مواقع إلكترونية.
يمتلك “الأصالة والمعاصرة” “ماكينة إعلامية” تجتهد في استعمال وسائل الاتصال الحديثة، خاصة الشبكات الاجتماعية. وعندما تكون هناك رسائل مشفرة، يرسلها الحزب عن طريق صحيفة أو مجلة “مستقلة”، خاصة تلك التي تنشر بالفرنسية.
يستعمل “التقدم والاشتراكية” الوسائل التقليدية على شبكة الإنترنت وعبر صحيفتين ورقيتين.يعتمد “حزب الاستقلال” على صحيفتيه والبيانات.
يكتفي “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” بصحيفتيه، مع استعمال محدود لشبكة الإنترنت.
تركز الأحزاب الخمسة على لقاءات تواصلية، وتسعى دائماً لأن يكون ذلك عبر “التلفزيون”. يعتقد السياسيون أن أفضل الإنجازات هي تلك التي يجري الإعداد لها بعيدًا عن أعين وآذان الصحافيين.
تكمن المشكلة بالنسبة للصحافي أنه حين يتوفر على مصادر يُعتد بها، لا يستطيع نشر كل ما يصل إليه من أخبار وإلا فقد تلك المصادر.أعتقد أنه يفترض أن يحرص الصحافي على أن يحظى بالمكانة التي يتمتع بها الصحافيون في الغرب.
في كل الأحوال، يقع الصحافي بين مطرقة صناع القرار وسندان القارئ أو المستمع أو المشاهد الذي ينتظر منه أن ينقل له معلومة صحيحة. وهكذا يضع نفسه أمام خيارين: إما أن يكتب ما يريده صانع القرار ويصبح جزءًا من ماكينة دعائية، أو يسعى لإرضاء المتلقي فيُحرم في الغالب من المعلومات الصحيحة ويضطر إلى الاجتهاد.
يفترض أن وسائل الإعلام، مكتوبة أو مسموعة أو مرئية، تحرص على تدفق المعلومات. هذا التدفق هو الذي يخلق الوعي في أي مجتمع، والمؤكد أنه بلا “وعي” لا يمكن أن تكون هناك “سياسة”.