عودة مدرسية ميمونة

إيطاليا تلغراف

 

 

 

الحبيب ناصري

 

 

ها نحن أمام موسم دراسي جديد (الموسم رقم 69 بعد الاستقلال)!. موسم، سينتج معجما خاصا به، داخل البيوت، وبين التلاميذ، والطلبة، والمدرسين، ومن لهم صلة بهذه العودة( مسيرون ومسؤولون، تجار، بنوك، الخ). ويبقى السؤال الدائم، والذي وجب طرحه دوما، وعلى مدار الموسم الدراسي، وهو، كيف من الممكن تحقيق إصلاح جذري نوعي، تصل آثاره إلى كل مفاصل حياة المجمتع ( اجتماعيا/اقتصاديًا/ثقافيًا/ سياسيا/ فنيا، الخ)؟.
راكمنا في هذا المغرب العزيز، العديد من التراكمات الإصلاحية، ومنذ فترة الاستقلال. العديد من هذه الإصلاحات، دخل خبر كان. وبعضها لا زال مستمرا، ويتم إصلاحه( إصلاح الإصلاح)، وفي الوقت نفسه يتم محاكاة ما يقع عند الغير القريب منا اقتصاديا وثقافيا، دون نفي لبعض الاجتهادات، والتي تفرضها السياقات المحلية والإقليمية والدولية، الخ. صحيح، فكل الدول تصلح منظوماتها التربوية، وفق تطورات العصر وحاجيات البلد، الخ، لكن، لا بد من التذكير أن العديد من الدول ربحت رهان الإصلاح الحقيقي والجذري، وتحقق لها “القفز العلوي” في مجالات النمو والتطور، وقد كانت بالأمس القريب من تعداد الدول التي “يطحنها” الفقر، بل خرجت من حروبها، مع نفسها ومع الغير، وهي منهكة وجائعة، ولا تملك قوت يومها. يكفي أن نستحضر تجربة اليابان وكوريا الجنوبية، الخ، لنتأكد، أن التقدم الحقيقي، معادلة لا تصنعها غير التربية والتعليم والتكوين والبحث العلمي والإبداع والثقافة… منظومة تلخص في كلمة واحدة : التعليم.
الرهان على غير التعليم، في التطور والبحث عن مقعد تحت شمس هذا العالم الحارقة جدا، رهان شبيه بمن ينتظر أن يحصل على “زيدة بلدية” وهو ينخض الماء. بكل تأكيد، سيحصل على “رغوة” الماء، والعجيب قد يوهم نفسه أنها” زيدة بلدية”. صحيح بذلت العديد من الجهود المادية والمالية والقانونية والإدارية، الخ، لكننا لازلنا لم نتمكن من ربح رهان خلخلة منظومتنا التربوية المغربية خلخلة حقيقية، بحثا عن تغيير جذري في حياتنا التعليمية المغربية. رافقت، ولازلت، هذه المنظومة لما يقرب من أربعين سنة. واستخلصت ما استخلصت!. كل هذا سيصدر بحول الله، في كتاب، يسرد لتفاصيل سردية تعليمية تربوية ثقافية مغربية. هي عصارة الروح في تقلبات التربية والتعليم بوطننا العزيز، بحثا عن “مزاج” تربوي يليق بنا جميعا!.
مرة كنت أجادل صديقا في شأن كيفية إصلاح التعليم ببلادنا. قال لي “العفريت”، والله لو اجتمع ثلاثون شخصا، راكموا تجربة في التدريس والتكوين والبحث والتسيير، الخ، “وأغلقوا” عليهم في مكان بعيد عن أعين من هم في مواقع الإصلاح، ولم يسبق لهم أن أمسكوا طبشورة، وكتبوا حرفا على السبورة لمتعلميهم… ويتركون بعيدين، أيضا، لبضعة أشهر، عن أهل السياسة “السياسوية”، ربما لقدموا بداية خريطة طريق حقيقية، لإصلاح حقيقي، قابل للتطوير.
صحيح، فالإصلاح لا يمكن أن يكون فقط من توقيع من راكموا خبرة في التدريس والبحث والتكوين والتسيير، الخ، فلابد ( وكان هذا ردي على “العفريت”)، من أهل القرار، ومن يعرف تفاصيل القنوات القانونية والدستورية، لجعل الإصلاح قابلا للتنفيذ. بل قلت له، وفي اعتقادي المتواضع، إن ربح رهان الإصلاح، لابد له أن يتجذر في المجتمع، أي، يصبح انشغال المجتمع ككل، وبكل مكوناته.
إن من يراهن على غير المدرسة، في تحقيق “القفز العلوي” الذي حققته اليابان وكوريا الجنوبية (كمثال)، الخ، في التطور والازدهار، كمن يراهن علي وأنا في هذا العمر، لأحطم رقما قياسيا عالميا في رياضة العدو الريفي أو في القفز العلوي.
مرة أخرى سنجد أنفسنا أمام تغييرات وتعديلات تقنية تمس هذه الفئة الدراسية، أو ذلك النمط التعليمي، الخ، وهو فعل لا ننقص من قيمته، لكن “القبض” على مدرسة جذابة تغري بالتعلم، وتجعلك تتلذذ مكانه، وما يقوله من يعلم، وآفاق ذلك، سؤال وجب تعميقه، عبر أسئلة تدق أبوابنا جميعا في زمن العولمة، وما بعدها، وفي زمن الحداثة، وما بعدها، من قبيل : هل نعلم من أجل “قطعة” خبز ، وهو ما يفرض ربط التعلم ب”مول الشكارة”؟ أم علينا أن نعلم من أجل فن العيش (متعة الحياة)؟ أم لابد من “تخليطة” تجمع بين كل هذا ؟.
نطرح هذه الأسئلة في زمن تكنولوجي معقد … بل في زمن البحث عن “الكرمومة” وانهيار القدوات القديمة، وحلول قدوات جديدة معروفة تروج لها هذه التكنولوجيات الحديثة.

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...