المهاجرة حنان بن منصور نماذج مشرقة من الجالية المغربية في مملكة بلجيكا

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

 

ط. العاطفي | أ. الخياري

أكملت حنان بن منصور ثلاثة عقود من الاستقرار في مملكة بلجيكا، وخلال هذه المدة حرصت على التطور بثبات على المستويين الشخصي والمهني، جاعلة من هذا الحيز الزمني باحة لعمل انطلق في الدار البيضاء ويتواصل ببروكسيل.

تحفظ بن منصور للهزل فترات في حياتها، لكنها لا تسمح له بأن يمتزج بالجدية التي يبتغيها الاشتغال على بلوغ مستقبل أفضل، كما تدرك أن الاقتداء بالنماذج المشرقة من الأجيال السابقة يبقى مفيدا في استلهام الأفكار واستجماع التحفيزات.

المرحلة البيضاوية

ازدادت حنان بن منصور في مدينة الدار البيضاء مستهل عقد السبعينيات من الألفية الماضية، مدخلة البهجة إلى منزل أسرتها في إحدى الأزقة المطلة على “شارع الزيراوي” وسط العاصمة الاقتصادية للمغرب.

كانت بداية حنان في عالم القراءة والكتابة في مؤسسة للتعليم الأولي تابعة للبعثة الثقافية الفرنسية بالدار البيضاء، ثم التحقت بالسلك الابتدائي بمؤسسة مغربية خاصة، وولجت لاحقا ثانوية “ولاّدة” للحصول على الباكالوريا.

اختارت بن منصور التوجه إلى جامعة الحسن الثاني لدراسة البيولوجيا والجيولوجيا في رحاب ثانوية العلوم التابعة لها في المدينة نفسها، وبعد سنتين من التواجد في التعليم العالي أتى موعد خوضها تجربة هجرة إلى الخارج.

البوابة البلجيكية

تقول حنان بن منصور إن رغبتها في الدراسة خارج أرض الوطن كانت حاضرة في ذهنها، راغبة في الانخراط ضمن تكوين أكاديمي عال قادر على تطوير قدراتها، معولة على قدرتها في إيصال طموحاتها إلى أبعد نقطة ممكنة.

وتضيف “ابنة البيضاء” عن تلك الفترة: “كان أبي لا يقبل أن أبتعد عنه، إذ لم يكن يرحب بأن أهاجر وحيدة لأي سبب يجلني قاطنة خارج المغرب. لذلك، كبحت رغبتي في الدراسة بأوروبا وركزت على الجامعة بالدار البيضاء”.

“من حسن حظي أنّي لاقيت الشخص المناسب لأكمل معه مساري وحياتي، ومعا قصدنا بلجيكا لبدء فصل جديد من المستقبل. جاء هذا التحول عندما أكملت العقد الثاني من عمري لينقلني إلى فضاء مغاير”، تسترسل بن منصور.

اندماج بلا إشكال

لم تجد حنان بن منصور إشكالا في الاندماج ضمن المجتمع البلجيكي فور وصولها إلى هذا البلد الأوروبي، مشددة على أن تحقيق ذلك استند إلى تكوينها الدراسي عموما، واتقانها التواصل باللغة الفرنسية على وجه التحديد.

تقول المتحدثة نفسها: “لم أذق غير قساوة الابتعاد عن والداي وباقي عائلتي ومعارفي في الوطن الأم، لكنني أيقنت لاحقا أن هذا سيصادفني حيث ما كنت، لكنني لم أجد أي شيء يحول دون الاعتياد على إيقاع الحياة في بلجيكا”.

من جهة أخرى، تعترف حنان بأن تشجيعات أبيها وأمها دفعتها إلى معاودة الإقبال على التعليم العالي في بروكسيل، لتقرر أن تقوم بذلك فعلا بعد سنتين من ولادة طفلتها الأولى، مختارة التكوين في البصريات بحماسة شديدة.

وضوح الصورة

تشجعت بن منصور لخوض “التحدي البلجيكي” وهي تنظر إلى نساء ذوات أصول مغربية، في البلاد نفسها، استطعن البروز في ميادين كثيرة، كالتطبيب والتعليم والاستثمار، والحظوة بمكانة رفيعة مع التقدير والاحترام.

عكفت حنان على استكمال الدراسة في تخصص البصريات، متمكنة من ضبط كيفية القيام بفحص النظر وإعداد العدسات، إلى جانب تقديم الاستشارات الجمالية والتركيب، وصولا إلى تمكين الناس من الإبصار بوضوح.

لم تضيع الوافدة من الدار البيضاء الوقت لربط ما تلقته نظريا بالممارسة الميدانية، ومباشرة بعد تخرجها مبصاراتية التحقت بفريق وسط شركة متخصصة في هذا المجال، حريصة على استجماع الخبرة بشكل يومي.

روح المبادرة

أسفرت مهارات حنان بن منصور عن تطور موضعها المهني من مستخدمة بشركة النظارات التي التحقت بها إلى مساعدة لإدارة هذه المؤسسة، وبعدها صارت مديرة للمرفق نفسه، ثم حان الوقت المناسب لتبادر إلى إطلاق المشروع الخاص بها.

تقول المغربية عينها: “كنت أحرص على التركيز في عملي مع التكلف بتربية أبنائي الصغار، وحين جاء الوقت المناسب ارتفع سقف طموحاتي بشكل فجائي. في لحظة فارقة بين الماضي والحاضر، قررت أن أعمل لحسابي الشخصي”.

تتوفر بن منصور في الوقت الحالي على محل كبير للبصريات في العاصمة البلجيكية بروكسيل، ساعية إلى توسيع قاعدة زبنائها من خلال فريق عمل حرصت على تأطيره بنفسها، موزعة بين أفراده المعرفة والخبرة التي استجمعتها.

مفعول الجدية

ترى حنان بن منصور أن مفعول الجدية يبقى ضرورة ملحة كي يعانق أي شخص النجاح في تحقيق أهدافه؛ إذ لا يكفي أن يكون المرء طموحا ومقبلا على العمل بشكل دؤوب، إنما يجب أن يقترن ذلك كله بقدر من الجدية البارزة للعيان.

من ناحية أخرى، تذكر المبصاراتية المغربية أن التعثر لا يمكن أن يكون عيبا ما دام أي فعل بشري يحتمل الصواب والخطأ، ضاربة المثل بنفسها حين حاولت إنشاء محل ثان لاشتغالها أغلقته بعدما لم يحقق المتوخى من وجوده.

“لا أندم على اختياراتي، وأقبل تصحيح أخطائي. كذلك أوصي شباب اليوم الساعين وراء تحقيق أحلامهم بوجوب الابتعاد عن الهزل في الشؤون الدراسية والمهنية، والبقاء منفتحين على أي فرصة قادرة على تغيير الواقع”، تختم حنان بن منصور.

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...