احمد حسن
ما علاقةُ الكِتابةِ الإبداعيّةِ في ظهورِ وإبرازِ المواهب الأدبيّة للكاتب وهل تحتاجُ النّصوص الأدبيّة إلى مهارةِ الإبداع ليكون النصُّ جيّدًا ومُفيدًا؟!
إنّ كُلّ ما يخرجُ عنِ المألوفِ يلفِتُ نظر القارِىْ ويجعلُ النصّ محطّ أنظارِ الجميعِ سواء المُثقّف أو المُتعلّم لِأنّ العِلمَ في بحر الثّقافةِ لا يعدو سِوى نظريّاتٍ ومُسلّماتٍ وفرضيّاتٍ تستندُ إلى حقائقَ علميّةٍ قابلةٍ للنّقدِ وللنّقاش وتخضعُ لكثيرٍ مِنَ التحليلِ والأبحاث والدّراسات .أمّا التّفكيرُ والمنطِقُ الإبداعيُّ فهو يُغرّد خارجَ السّربِ والصّندوق المليىءِ بالإبتكاراتِ الخلاّقة والأفكارِ النيّرةِ المُضيئة .
فلا يجتمِعُ التّقليدُ والإبداعُ إلاّ في مِساحاتٍ ضيّقةٍ جدًّا لا يُمكنُ اكتشاقُها إلاّ بِالولوجِ إلى أعماقِ النّصّ وفهمِ
القُدراتِ اللّغويّةِ بالتّدريبِ والإطّلاعِ المُتواصل.فالكتابةُ الإبداعيّةُ فنٌّ ومهارة تُولدُ+ بِالفطرةِ مع المُبدعينَ المهَرة الّذين لا يألوونَ جُهدًا في المُطالعةِ والدّراسةِ لتنميةِ هذه المواهِب الرّائِعة.فالموهوب صانعُ الحلوى الّلذيذة الّتي تحوي مكوّناتٍ لا يُمكنُ التنبّؤُ بها إلاّ عندما تتذوّق طعمها ويُبهِركَ مذاقُها فتُقبِلُ عليها بنهمٍ وشراهة وكُلّما انتهيتَ مِن جانبٍ سرّكَ أنْ تتذوّق جوانِبها الأُخرى.
ولا يخلو النّصُّ الأدبيُّ مِن جاذبيّةٍ تُبحر معها في سفينتِكَ المُتواضعةِ إلى أعماقِ البحارِ والمُحيطاتِ لتكتشفَ الغالي والثّمين وتعيشَ معَ الكائِناتِ الحيّة بِألوانها وأسرارها الدّفينةِ الّتي لا تنتهي فترى الشُّعَبَ المُرجانيّة والأصداف البرّاقة اللاّمعة وما إن تمتدُّ يدكَ إليها حتّى تشعُر بِمعنى الثّراءِ الحقيقيّ الّذي يمتلكه الكااتبُ الموهوب مِن مَلَكةٍ وهبها اللّه لهُ لينثُرها أمامكَ كي تَصِلَ إلى عواطِفهِ ومشاعِرهِ وأحاسيسهِ المُرهفةِ حينَ أبدعَ قلمُه وخطّ بنانُهُ هذا الجمالِ والإبداع.
إذن فالكتابةُ الإبداعيّةُ هي ابتِكارٌ وليس تقليد …تأليفٌ وليسَ تكرار …قيمةٌ إنسانيّةٌ وليست حقائقَ مُجرّدةٍ تُحاكي العقلَ وحدهٌ بل تُحاكي مكنوناتِ النّفسِ الدّفينةِ الّتي لا يُمكنُ أن يُعبّر عنها إلاّ مَنْ أتقنَ الغوصَ في الأعماق وقرأ ما وراء السّطور وعَلِمَ ما يحدُثُ خلف الكواليس فهو المُنتجُ والمُخرجُ والمُمثّل في نفسِ الوقت كي يصلَ إلى ما يرمي إليهِ بِكُلّ طاقاتهِ وإبداعاتهِ ومهاراته وكُلّها تنمو بالفطرة وتتطوّرٌ بالإطّلاعِ والتّدريب.
وما أحوجَنا في هذهِ الأيّامِ إلى الرّؤى الشّخصيّة والتّعابيرِ الوجدانيّة في كُلّ أعمالِنا الأدبيّة ولعلّ أبرزَ ما نحتاجهٌ في نظمِ قصائدنا الشّعريّة هو الكتابةُ الإبداعيّةُ الّتي يخرُج فيها الشّاعِرُ مِن الحالة الواقعيّة إلى حالةٍ جديدةٍ مُستوحاةٍ مِن خيالهِ الواسع وسمائهِ الكونيّةِ المليئةِ بالكواكب والنّجوم الّتي تُضيءُ عالمَهُ في سماءِ ليلةٍ صافيةٍ بالأفكارِ الورديّة والألوانِ الأرجوانيّة.
ولا ننسى أيضًا أنّ الكِتابة الإبداعيّة تحتاجُ إلى عُمقٍ وروح وإلاّ فهي مجموعة كلماتٍ تخلو مِن النّواحي الفنّية لذلك فإنّ الجوانب الإنسانيّة والرسائلِ الجماليّة والإجتماعيّة تزيدُ النصّ الأدبيّ روعةً وجمالاً لأنّها تُحاكي الرّوح والعقل والجسد وهؤلاء جميعًا مُكوّناتُ الإنسانِ البشريّ في كُلّ العصورِ والجسدُ هو الوعاءُ للعقلِ والرّوح ولا يُمكنُ فصل أيّ منهم عن الآخر.
واسمحو لي أنْ أذكر لكُم بعض الأبيات الّتي أحفظها عن المواهب والإبداع :
تسيرُ في موكِبِ الإشراق موهبتي وفكرتي أشعلت من نور إبداعي
أرى الأماني الّتي أمّلتها كبُرت قدْ سخّر اللّه لي مِنْ أُمّتي راعي
فتحتُ جفنيّ في شوقٍ وفي ألقٍ أسيرُ في بهجةٍ والحُبُّ إيقاعي
كُلّ الدّروبِ الّتي أسعى لها فُتحت قد شعشعَ النّور في الأعلى وفي القاعِ
غدًا ستُثمرُ بإذنِ اللّه موهبتي وأجعلُ الكونَ يسري فيهِ إبداعي