“شامي كابور” و “جانوار” وأيام الرومانسية

إيطاليا تلغراف

 

 

 

طلحة جبريل

 

 

كانت خواطري هذا الأسبوع نهباً لمشاعر شتى .أحاسيس يختلط فيها القلق بالأسى والحزن والإحباط، وشيء من الاستغراب والحيرة حول هذا الذي يحدث من حولنا في المنطقة الممتدة من الماء إلى الماء .
ما أن تهدأ في مكان حتى تنفجر في مكان آخر. إنها “الحرب المتنقلة”. هي الحرب بكل معانيها، وقودها البسطاء والطيبين. سواء في السودان أو في غزة.
لست من هؤلاء الذين يعتقدون أن “الماضي” كان جميلاً، وان “الحاضر” مآس وأحزان، و”المستقبل” غموض ومصائر مجهولة. لست أيضاً من أولئك الذين يرون في “الحاضر” معاناة و”المستقبل” ما نأمل فيه و”الماضي” ما نحبه عدلاً
أو ظلماً.
في ظني ان الماضي هو الذاكرة، والحاضر نتاج لهذا الماضي، والمستقبل هو ما يجب أن نكافح من أجله حتى يكون مشرقاً.
في لحظات مشحونة بالانفعالات المتأرجحة بين التشاؤم والتفاؤل وهذا الواقع المؤلم، قفزت صورة من صور الماضي.صورة ربما تبدو بعيدة عن السياق، لكنها قطعاً ليست كذلك.
يقول استاذي المفكر عبدالله العروي “عندما نتحدث عن تاريخ الوقائع التي عشناها، نحن نروي في الواقع بعض مشاعرنا في الحاضر لكن بلغة الماضي”.
شيء من هذا حدث، ولا أنكر ذلك.
لفت نظري خبراً مقتضب، من الأخبار التي تتهاطل علينا كما المطر.عن إحياء ذكرى رحيل الممثل الهندي الراحل “شامي كابور”.
يعتبر كابور من أشهر الممثلين الذين ينتمون لجيله في السينما الهندية، ولاشك أنه من عمالقة هذه السينما. شارك في أفلام لاقت رواجاً كبيراً. ومثل في أكثر من مائة فيلم وأطلق عليه معجبوه “فيس بريسلي الهند” بسبب الرقصات التي أداها في تلك الافلام.
رحل كابور في أحد مستشفيات مومباي، بسبب فشل كلوي، وكانت آخر جملة قالها قبل أن يغمض عينيه ” لم اسأم من الحياة لكن يبدو أن جسدي تعب منها”.
الخبر عن “شامي كابور” اعادني الى أيام الصبا. بعد تلك الأيام جاء زمن النزوح، حيث راحت السنوات تمضي ، وانا أحزم حقائبي من قارة الى قارة ومن بلد الى آخر.
في تلك الفترة، أي أيام الصبا، كنت جئت الى الخرطوم من القرية. كانت هناك رغبة عارمة ان نغرف من الحياة، والشباب الباكر كما نعرف مرحلة سحرية من العمر تكون الشهية فيه مفتوحة لكل شئ. في تلك الأيام، كانت تبدو لنا السينما شيئاً مدهشاً. كان هناك شريط يغني فيه “شامي كابور” ويرقص ويحب. ونحن نهتز معه طرباً وإيقاعاً وحباً. كنا أيضاً نعيش رومانسية حالمة، نحب ونعشق ونغني ونرقص طرباً.
المؤكد اننا شاهدنا ذلك الشريط مرات ومرات، وبعضنا حفظ أغانيه وإيقاعاته. كل منا ظن نفسه “شامي كابور”، وكل منا اعتقد أن حبيبة القلب هي “سبنا” عشيقة “كابور” في شريط “جانوار”.
هل كنا نحلم؟ قطعاً لا.

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...