مرحبا بضيوف المغرب في كأس إفريقيا

إيطاليا تلغراف

 

 

 

الحبيب ناصري

 

 

شخصيا، لست من عشاق كرة القدم، وبكل تأكيد فأنا مع أي نشاط كروي أو رياضي ينظم في وطني المغرب، من طنجة حتى لكويرة، مثل ما أنا مع أي نشاط فني أو ثقافي أو طبي، الخ، ولو كان في قمة جبل، ويهم بضعة أشخاص فقط. طبعا أحب أن يفوز المنتخب الوطني، بهذه الكأس الإفريقية، إن لعب جيدا تحت قيادة مدربه “راس لافوكا” (وسع قشابتك معنا يا سعادة المدرب العزيز)، وكما فعل الفريقان المغربيان الفائزان بكأس العرب، وكأس العالم، لفئة أقل من عشرين سنة. فما لاحظته، من خلال مشاهدتي للعديد مما نشر، من فيدوهات، حول الملاعب، والمدن المغربية المضيفة لمسابقات هذه الكأس، وما عرفته من تحولات معمارية مهمة، وبعيون عديدة، خصوصا تلك التي تزور المغرب لأول مرة ، يؤكد فعلا أن المغرب كان لزاما عليه أن ينظم هذه الكأس الإفريقية.

 عيون عديدة، تأكدت فعلا من أن المغرب، استثمر كثيرا في البنيات التحتية. كل الملاعب هي فعلا في قمة الجاهزية لهذه المسابقة الكروية الإفريقية. كأس ساهمت بشكل كبير في تصحيح العديد من التمثلات الخاطئة التي كانت تروجها بعض وسائل الإعلام غير المهنية، والغارقة في الأدلجة، وغير المقدمة لحقيقة ما يجري في المغرب. أيام عديدة من أمطار الخير، ولا زالت إلى حد كتابة هذه السطور، ولم تتوقف الملاعب المحتضنة لمباريات هذه الكأس. تنظيم محكم، وتفاعل كريم من لدن المغاربة، في كل المدن المغربية الكروية الإفريقية. بل هب مغاربة أكادير نصرة لفريق مصر الشقيقة، وكأنه يشجع الفريق الوطني باللازمة المعروفة “سير سير سير”، مما يؤكد طبيعة العلاقة الوجدانية الجامعة بين المغاربة والمصريين الأشقاء..
بكل تأكيد لست خبيرا في الاقتصاد، ولا في السياسة، ولا في الدراسات الاستراتيجية، ولكن، وحسب ظني، فكل العيون اليوم، تتجه نحو المغرب.. هناك من يصفق لما تحقق، ويشكر البلد على جهده في توفير بنية تحتية مهمة جدا، لتسهيل الفرجة في ظروف مريحة، وهذا راجع فعلا إلى طبيعة تربيته وتنشئته الأصيلة، وهناك، من في قلبه نقطة “كحلة زحلة”، وهي فئة قليلة في جميع الحالات، تنتظر تسلل حبيبات مطر من شق ما، في مكان ما، لتصويرها وجعلها حدثا “ضخما” لترويجها في وسائل إعلام غير مهنية، بحثا عن “بوز” سياسوي يرضي به لا وعيه الجريح.

 ألف مرحبا بكل ضيوف المغرب

عشاق “الجلدة” يستمتعون، اليوم، بمقابلات كروية جميلة. وعلى هامشها، سيتذوق الضيوف الكرام، أطعمة تقليدية مغربية لذيذة، ومدن مغرية للسياحة، مثل طنجة وفاس ومراكش وأكادير والصويرة وورزازات وتطوان والشاون ومكناس والرباط، الخ. جمهور سيسافر في وسائل نقل عمومية مريحة، خصوصا القطار السريع، وحافلات عمومية وخاصة تستعمل الطريق السيار. جمهور وافد سيجد شعبا مغربيا محبا للجميع، ويساعد الجميع، ويتحدث لغة الجميع.. جمهور سيجد نفسه أمام شعب”درويش” مع من بادله نفس المحبة والاحترام.. شعب محب لثقافة الفرح، وتقاسم ما بين يديه من طعام. شعب بمجرد أن يعرف أنك ضيف في بلده، سيكون في خدمتك. طبعا لسنا بلد الملائكة والكمال، لدينا نقائصنا بكل تأكيد،  لكننا محبين للجميع .. وفي خدمة الجميع، خصوصا مع “صحاب النية الزينة” أما الآتون بنية سيئة بحثا عن نقائصنا، فقط، فإنني أهمس في آذانهم قائلا وبالدارجة المغربية الشعبية:  “ردوا بالكم، يا الصكع، من “موالين المكان” و “صلاح لبلاد”.

فبجانب ما سيتحقق على مستوى المنافع المالية والمادية، مثل الخدمات السياحية، والنقل الجوي والداخلي، وما سيحققه مكتب الصرف المغربي من عملات أجنبية، الخ، حسب فهمي البسيط، طبعا، لكن من أهم المنافع الممكن أن تحققها هذه الكأس، وهي اليوم فعل ملموس واقع في بلدنا، منح الفرصة لمن كان غير مدرك لطيبوبة هذا البلد، ومنشغل بترويج معلومات غير صحيحة، عن مغرب لم يفعل شيئا في زمنه الحالي غير الدفاع عن تربته وحدوده وثقافته الشعبية، وعن حقه في اختياراته وفق ما من الممكن أن يقوم به، على الرغم من كونه بلدا لا يرسم السياسات العالمية، لكن من الصعب أن ترسم هذه السياسات العالمية الكبرى، دون الإصغاء لحقه في صيانة حدوده والدفاع عنها وفق ما لديه من إمكانات.

دعونا في لعبة كرة القدم الإفريقية، وكيف هي اليوم، حقيقة اقتصادية قوية، من الصعب تجاهلها. الشركات الكبرى، اليوم، تستثمر ملايين، وربما ملايير الدولارات في هذه اللعبة. فكيف من الممكن البقاء خارجها؟. بكل تأكيد نرجو ونحلم أن يتحقق الشيء نفسه في مجالات تعليمية وتكوينية  وثقافية واجتماعية، الخ، وهو ما من الممكن أن يساهم في نهضة كبرى.

أسر مغربية عديدة انتفعت بمنافع اللعبة، خصوصا تلك التي كانت فقيرة أو متوسطة، نظرا لبزوغ موهبة من  أبنائها (ذكورا وإناثا). أكيد فقد تغير حال القدوات، وأصبح اللاعب المشهور، ضمنها. بدورها الأسر المغربية الشابة، أدركت قيمة اللعبة، وأصبحت محبة لتعليم أبنائها هذه اللعبة من خلال مدارس كروية عديدة موجودة في معظم المدن المغربية.

يبدو، أن منافع هذه الكأس الإفريقية كثيرة جدا. ومن أبرزها، هذا الكم الهائل من الفيديوهات المصورة بعيون عديدة، والتي تجول في معظم الوسائط الاجتماعية، وبلغات مختلفة، معرفة بطبيعة ملاعب ومدن وتقاليد ومعمار وجمال العديد من المدن المغربية، خصوصا تلك المحتضنة لكأس إفريقيا، وهو ما يساهم، في تقديم صورة حقيقية، عن مجهودات حقيقية بذلت، في بنية تحتية رياضية حقيقية، يستفيد منها وعلى امتداد شهر كامل ضيوف المغرب الحاضرين اليوم لمتابعة فرقهم الكروية، وبكل تأكيد، سيخطط المسؤولون عنها لاحقا كيف عليها أن تبقى “شغالة” لتحقيق المزيد من المنافع للبلد.

فمرحبا بضيوف المغرب..

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...