المآلات الاستراتيجية للصراع العربي الإسرائيلي.. معادلة المُكَابَرَة والمُعَانَدَة بين العرب وإسرائيل

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

 الدكتور عبد الله شنفار
 المفكر الاستراتيجي والكاتب والراصد الاجتماعي المغربي المتخصص في العلوم السياسية والفاعل الترابي والتنمية الاجتماعية هندسة السياسات العامة والعمومية والعدالة المجالية.

 

 

 

هل العالم أصبح في حاجة إلى آلية لرصد الحروب والتوترات العسكرية؛ على غرار مرصد الزلازل على سلم ريتشر؛ ومرصد لانفجار البراكين، والتوقعات المطرية والثلجية لرصد القابلية للانفجار على مستوى تهديد السلم والأمن الدوليين؟
عند رفع التحدي؛ يقال على لِسان حال تَمْغَرْبِيتْ: “أعلى ما فْخيلكْ أركبه.” وهو مثل يحيل في الخطاب إلى نوع من التحدي واللجوء لاستخدام القوة الصلبة وليْ الذراع؛ بدل اللجوء إلى الاقناع واستعمال القوة الناعمة.
الإطار العام لهذا الموضوع؛ يندرج فيما يسمى “لَوْمَةَ لَائِمٍ” للمغرب بعد توقيعه اتفاقية استراتيجية ثنائية للتَّطْبِيع مع إسرائيل.
وبعيدًا عن التحليل العاطفي والانفعالي الذي يغيب العقل؛ في التفكير الاستراتيجي؛ وحينما نتحدث عن خارطة النوايا الاستراتيجية؛ وحينما ننظر للمستقبل؛ نجد ثلاثة أبعاد رئيسية؛ وهي:
1. مستقبل اللحظة الآني أو حالي؛
2. ومستقبل قريب المدى؛
3. ومستقبل بعيد. المدى؛
في جدلية ثلاثة أبعاد رئيسية؛ تسمى اللاءات الثلاث عند العرب:
1. لا للتفاوض.
2. لا للتنازل.
3. لا للتطبيع.

لكن ماذا تعلمنا من دروس في الحد الأدنى للصراع؟ وما هو الجانب الذي اتجهت إليه الأنظار؟ هل هو مشروع البناء والتأسيس لعلاقات قوية ومتطلبات الديبلوماسية الحاسمة؟ أم اتجهت إلى مجرد جانب العواطف والتشاحن وتفريغها كلما اشتدت الأزمة؟ كيف نراكم وعياً وتصورات تتجه نحو البناء؟ وعملًا وفعلًا يتسمان بالديمومة؟ وما هي العوامل التي ستؤدي إلى توطيد وتوطين الوعي وامتصاص الغضب؛ أو إعاقة نمو وارتقاء العقل والتفكير الاستراتيجي في المستقبل؟ وما هي العوامل التي ستقود إلى توطين وتوطيد مختلف صور قصور الوعي المزيف واستئصاله لضمان الاستمرارية؟
هذه بعض الاسئلة التي أعتبرها جوهرية وأساسية، ومفاتيح لتفادي بعض النجاحات التكتيكية التي يتبعها فشلاً استراتيجيا ذريعًا؛ في غياب رؤية واضحة وأجندة وخارطة نوايا دقيقة مرسومة ومخطط لها مسبقًا.
فمن المعروف في العلاقات الدولية؛ أن النجاح التكتيكي؛ يقابله أحيانًا فشلًا استراتيجيا ذريعاً. ومن الأمور المربكة في العقل العربي المسلم؛ حينما نجد ما يسمى بعقدة: النجاح التكتيكي والفشل الاستراتيجي!
فما هو المقصود بمفهومي الفشل الاستراتيجي والنجاح التكتيكي؟

نجد أحيانًا؛ الكثير من النجاحات التكتيكية الضخمة؛ غالبًا ما تكون مقدمة لكارثة وفشل استراتيجي كبير ومهول؛ ونضرب مثالًا لذلك، القضية الفلسطينية؛ في الصراع مع إسرائيل نموذجًا! فمن خلال ما تحاط به العمليات التي تقوم بها الفصائل الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي؛ وما يلي ذلك من صور التهويل والتطبيل، والآلة الإعلامية؛ وصنع وإنتاج الرأي العام… وغيرها؛ لكن بعد الهدنة؛ لا يليها أي حوار أو الجلوس إلى طاولة المفاوضات؛ فتبقى مجرد حبرًا دون ورق. وبالتالي فإن تحقيق النجاحات التكتيكية؛ الديبلوماسية أو المناورات الاقتصادية والسياسية؛ وحتى العسكرية والمخابراتية؛ تبقى رهينة بالعمل على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بعد ذلك لأخذ العائد خبرة وعبرة بعد أشكال الابتلاءات والاعتداءات ولملمة الجراح المختلفة.
إسرائيل؛ وفي إطار بناء قوة من أجل إيجاد موقع متقدم في كل المُفاوضات المُقبلة؛ تساءلت؛ من خلال نواياها الاستراتيجية؛ حول ما هي الكتلة من شعوب العالم التي تساند وتتعاطف مع القضية الفلسطينية؟
فوجدت:
• جمهورية الهند:
وضعت إسرائيل الهند صوب أعينها؛ فشرعت في سياسة الحفر لمعرفة نقطة ضعفها؛ فاكتشفت أن البرنامج النووي لدى الهند؛ يحتاج إلى تكنولوجيا تتطلب سنين عديدة للوصول إلى تحقيقه؛ فاقترحت عليها تقريب المسافة الزمنية بتزويدها بهذه التكنولوجيا؛ شريطة عدم دعم أو مساندة، أو تأييد الشعب الفلسطيني. طبعًا الهند ستوقع الاتفاق؛ فهي ليست غبية حتى تضيع هكذا فرصة ذهبية. وبالتالي خرجت كتلة تقدر بمليار نسمة من المعسكر المؤيد للقضية.
• جمهورية الصين الشعبية:
دائمًا في إطار نهج سياسة الحَفْر؛ إسرائيل توصلت إلى أن الصين تعاني نقطة ضعف في مجال تكنولوجيا الطائرات؛ حيث تعتمد على الصناعة الأمريكية بالأساس؛ التي تتحكم في كل الأجهزة الإلكترونية وتستطيع من خلالها التجسس على الصين؛ وحتى تعطيل آليات تلك الطائرات في الجو عن بعد؛ كما حصل مع ماليزيا.
فمن خلال مقال تحت عنوان: “سوق الخردة في عالم التكنولوجيا التي لا تصلح حتى لعبة أطفال”؛ يقول (مهاتير محمد) وأصلها بالعربية محاضير بن محمد؛ رئيس الوزراء الماليزي الأسبق: “في العام 2004؛ اشترت ماليزيا 8 طائرات من طراز ال إف-18 (الطائرة الأحدث وقتها) من الولايات المتحدة الأمريكية؛ بعقد فاق ال 640 مليون دولار. وبعد استلام ماليزيا للطائرات؛ قامت بتشكيل فريق من الخبراء والمهندسين لدراسة مزايا الطائرة وقدراتها القتالية؛ فاكتشف الخبراء الماليزيون أن أجهزة الطائرة تقوم بإرسال كل معلومات الإقلاع لقاعدة (نورن هاري) الأمريكية في جزيرة (هوام): مثل: لحظة الإقلاع والارتفاع والسرعة والموقع والمسار والأهداف المنجزة، وجميع اتصالات الطيار بغرفة العمليات والقيادة الأرضية… وغيرها.
ليس هذا فحسب؛ بل أنظمة تشغيل الطائرة وميزة الطيار الآلي؛ يمكن التحكم بهما من القاعدة الأمريكية؛ أي بكبسه زر من ضابط أمريكي يوجد على الأرض؛ يمضغ علكةchewing-gum وراء جهاز حاسوب بمكتبه في أي نقطة من العالم؛ يمكنه إسقاط الطائرة، أو حتى تغيير وتبديل مسارها، بل وقصف أهداف مدنية وعسكرية داخل ماليزيا نفسها، مع إلغاء دور الطيار الماليزي وشل حركته وبقائه مشدوهًا أمام قوة التحكم عن بُعد في الطائرة. هذا؛ وعندما حاولت ماليزيا استبدال أنظمة التشغيل تلك؛ احتجت أمريكا والشركة المصنعة، وهددتا بعدم بيع قطع غيار الطائرة أو صيانتها مستقبلا، بل هددت بفرض عقوبات على سلاح الجو الماليزي. وحتى عندما طلبت ماليزيا شِفرات لتشغيل بعض قدرات الطائرة القتالية؛ قوبل طلبها بالرفض من طرف الشركة (ماكدونل دوغلاس – McDonnell Douglas) المصنعة.

في النهاية، اكتشفت ماليزيا أنها اشترت خردة طائرات لا تصلح سوى للعروض العسكرية؛ ولا يمكنها خوض أي قتال بواسطتها؛ دون رضا وموافقة مسبقة من الولايات المتحدة الأمريكية.”
وأخذ العبرة بالحالة هاته؛ إسرائيل اقترحت على الصين اتفاق تعاون يروم تطوير صناعاتها في مجال صنع الطائرات؛ شريطة التخلي عن دعم القضية الفلسطينية؛ أو على الأقل شراء موقف المحايد منها. شيء طبيعي أن الصين انتهزت الفرصة؛ فوقعت اتفاقية تعاون استراتيجي مع إسرائيل؛ فخرجت كتلة من معسكر المؤيدين للعرب؛ تقدر بحوالي مليار نسمة.

 من كتلة دول عدم الانحياز؛ نجد أيضًا:
• دول أمريكا الجنوبية؛
التي استغلت إسرائيل ضعف قوتها الاقتصادية والإنتاجية؛ فسارعت إلى عقد اتفاقات اقتصادية شاملة معها؛ لمساعدتها على الخروج من التخلف الاقتصادي والاجتماعي؛ شريطة التخلي عن مساندة القضية الفلسطينية.
• وحتى دول أمريكا الشمالية؛
نعرف قوة امتداد اللوبي اليهودي الذي يسيطر على الاقتصاد والإنتاج والسياسة؛ والتحكم في الرأي العام وصناعته؛ والقدرة على إنتاج وإعادة إنتاج النخب في المجتمع الأمريكي؛ عبر التحكم في الأحزاب والجمعيات والشركات والمؤسسات… وغيرها؛ بحيث بإمكان أي كان الدخول في شبكة العلاقات المتواجدة في أمريكا مع هذا اللوبي؛ ليكون مستقلاً بذاته تمامًا عن الحكومة الفيدرالية الأميركية، وفي معزل تام عنها داخل الولايات المتحدة الامريكية.
• دول أفريقيا السوداء:
التي تعاني الجوع والعطش، والفقر والهشاشة والمرض؛ سارعت إسرائيل إلى إقناعها بأن الحرب مع العرب قد انتهت؛ وفي كل الأحوال “فاقد الشيء لا يعطيه”؛ والعرب ليس لديهم شيء يقدمونه للدول الافريقية الفقيرة؛ فعقدت اتفاقيات شراكة لدعم وتطوير المجال الزراعي والفلاحي، لضمان الأمن الغذائي والطاقي والصحي× للخروج من قهر فيروس (حمى الإيبولا النزفية القاتل) المنتشر في هذه الدول؛ مقابل نسيان شيء اسمه: “القضية الفلسطينية.”
• سقف النوايا الذي قد تغير مع الدول العربية:
نعرف أنه ما بعد حرب 1973؛ جامعة الدول العربية أجمعت على سلام شامل مع إسرائيل بوقف النزاعات المسلحة؛ والعودة إلى حدود 1967؛ وأرسلت الجامعة العربية فحوى القرار إلى الحكومة الإسرائيلية؛ وأحيط بذلك علمًا الأطراف الرئيسية المتدخلة في الصراع: أمريكا، روسيا، الدول الأوروبية… لكن إسرائيل لم تكلف نفسها حتى عناء الرد على هذا القرار ولو برسالة لحد الآن. فهي تدرك أنه لم يبق هناك شيء تتفاوض عليه؛ وليس هناك أوراق بيد الخصوم؛ وسقف النوايا الاستراتيجية تجاوز ذلك بكثير؛ بحيث أصبح يتحدد لدى إسرائيل في أن تشكل هي القوة الأولى في الشرق الأوسط؛ من خلال:
محاصرة إيران، وتدمير العراق، وسحق ليبيا، ومهادنة مصر والأردن والمغرب والسعودية والإمارات العربية المتحدة؛ وإغرائها بالطاقة النووية السلمية؛ والتعاون العسكري والاستخباراتي والتكنولوجي؛ وصرف نظر باقي الدول الإسلامية؛ وجعلها مشغولة على طول بمشاكلها وأزماتها الداخلية؛ حتى لا تفكر في القضية الفلسطينية.
وتتشكل العُقدة. فالمتغلب والمنتصر حضاريًا؛ تنشأ معه علاقة فصام في الشخصية؛ غريبة جدًا، ومركب عجيب من التناقضات يقوم على متلازمة: ” لا أنا بحبو، ولا أنا أقدر على بعده”. وحينما يكون منسوب جرعة المهانة الحضارية عاليًا جدًا؛ تتولد عنه رغبة التشفي في الخصم بنسبة أعلى بكثير من معالجة قضايا المستقبل وبناء غد أفضل.
فالهزيمة الحضارية تختلف بكثير عن الهزيمة العسكرية. الهزيمة الحضارية تورث القابلية للاستعمار. وهي في جوهرها معادلة مركبة من الحب والتعلق والحاجة والكراهية. فمن جهة تكال للمحتل كل أنواع السب والشتم؛ والدعاء عليه بالهلاك؛ ومن جهة أخرى تكون الحاجة إليه والتعلق به في كل أشكال التكنولوجيا والمنتجات الغذائية والعمران والملبس والمأكل والأمن والطاقة والخبرة… وغيرها. فإذا حضر لُعِن؛ وإن غاب طُلب.
وعلاقة الكراهية والحب والتعلق والحاجة؛ علاقة غريبة؛ تولد فصاماً في الشخصية وفي الخطاب وفي السلوك ومختلف التصرفات؛ فقد يحارب المستعمر في أرض ما؛ وفي زمان ما؛ ولكن ضاقت به الأرض في موطنه؛ فرَّ لديارهم يطلب اللجوء.

هذا العجز المركب، والمتعدد الأبعاد؛ يولد غضبًا عارمًا؛ ولكن لا يتم تصريفه وتنزيله في مسالك البحث العلمي والتكنولوجي؛ والمنتجات؛ والسلع والغذاء؛ والعمران؛ وإعمال جهد وفعل وعمل وصُنع؛ لإيجاد الحلول للمشاكل والقضايا الحضارية المطروحة؛ ولكن يوجه لمزيد من التذمر والاستياء وتدمير الذات (autodestruction).
كمية جُرعة المسكنات والمُهدئات؛ وحتى المنشطات والمهيجات؛ تمنع الحواس من التقاط إشارات الواقع؛ مما يؤدي إلى تبلُّد وتكلس الإحساس؛ عندها يدخل الشخص في الغيبوبة واللا-معقول؛ فيفتح الباب للتمني بحدوث معجزات، واللجوء إلى الشعوذة والخرافة والخوارق والخراصين والمنجمين، وقراء الطالع الجدد؛ وارْقِية غير الشرعية… فتتوالى الكوارث ويدخل الانسان مرحلة المتاهة. فالمخدرات والمسكنات التقليدية؛ لم تقدم يومًا حلولًا لمشاكل وقضايا المجتمعات والأمم والشعوب. وعبر التاريخ؛ لعب التصعيد دوراً كبيرًا في إشعال وإذكاء نار الحروب بين الشعوب والأمم؛ خاصة في ظل ظروف اتسمت بعدم اليقين وعدم توفر معلومات كافية عن الخصم.

سياسة الحَفْر وحلم السيطرة على العالم؛ هو حلم قديم؛ ومن حقنا نحن أيضًا أن نحلم بمكان في هذا العالم! في الصغر؛ وحتى في الكبر؛ كلُّنا نَنْشُد؛ القدس لنا؛ البيت لنا؛ الهند لنا؛ الصين لنا؛ الأندلس لنا؛ الجزر الجعفرية لنا! وحب التملك والتوسع على حساب شعوب وأمم أخرى؛ من خلال خلق الهالة والجاذبية الحضارية.
يحكى أن (جِنْكِيْزْ خَانْ) إمبراطور (المغول)؛ عندما حضره الموت؛ خاطب أبناءه؛ قائلًا: “لقد تركت لكم إمبراطورية عظيمة؛ ولكن التاريخ لم يسعفني للاستيلاء على العالم بأكمله.” وإلاَّ ما معنى الحرب التي تدور رحاها حاليًا في البلقان!؟ ما معنى نشر رسالة الرجل الأبيض!؟ ما معنى الفتوحات الإسلامية؛ والتوسع، ونشر الرسالات السماوية والدعوة إلى الله!؟ وتجاوز الحدود القانونية والطبيعية؛ إلى الحدود الشفافة؛ حيث تواجد مصالح الدول؛ فهي تفوق بكثير الحدود القانونية ومبدأ السيادة؛ ومبدأ عدم التدخل وغيرها من المبادئ التي تحكم العلاقات الدولية.
 والخلاصة:
يوهم نفسه من لازال ينظر الى الحاضر والمستقبل؛ بمرآة الماضي! ويُوهِم نفسه من لازال يعيش على سردية الشاعر أبو فراس الحمداني: وَنَحْنُ أُنَاسٌ، لا تَوَسُّطَ عِنْدَنَا، لَنَا الصّدرُ، دُونَ العالَمينَ، أو القَبرُ.
وهي ليست قصيدة فخرية للشاعر عمرو بن كلثوم: أَيَّامٍ لَنا غُرٍّ طِوالٍ عَصَيْنا المَلْكَ فِيها أنْ نَدِينا؛
أو: مَلأنَا البَرَّ حَتَّى ضاقَ عَنَّا.. ونَحْنُ البَحْرُ نَمْلَؤُهُ سَفِينا. إذا بَلَغَ الرَّضِيعُ لَنَا فِطاماً.. تَخِرُّ لَهُ الجَبابِرُ ساجِدِينا.
فالجَبابِرُ لا، ولن تَخِر يومًا ساجدة لأحد؛ وحتى شعب الصين الذي يبلغ حوالي المليار وأربع مائة مليون نسمة؛ لن يتجرأ بالقول إنه يملأ البحر سفنًا. ولا أحد في هذا العالم أهبل حتى يقول إنه قادر على تحقيق حلم السيطرة على العالم.
“فخطاب الأندلس عندنا نموذجاً للفارق بين الاحتفاء بالغزو (فهو حدث مبرر في زمانه) أو الاحتفاء بالإرث الإنساني العظيم المشترك (قيمة مضافة لنا اليوم) فإنْ ضاعت البوصلة ولم نميز بين المستويين فالعواقب ستكون وخيمة وتتتابع.”

فهم العالم الذي نعيش فيه؛ إحدى أزمات الفكر الإسلامي المعاصر؛ فنحن لم نستوعب متناقضات العالم الذي نحن نعيش فيه. فعندما تتنوع أطياف أية أمة؛ فالوجود والاستقرار والتنمية، والأمن والعمران؛ تصبح قضايا أساسية؛ لا سبيل لها إلا بتوافق وطني على الحد الأدنى الممكن في ظل تلك الظروف والملابسات. وتلك تبدو بديهية للوهلة الأولى؛ ولكن إذا نظرنا حولنا؛ فأرجعنا الْبَصَرَ مرَّتين ثُمَّ أرجعنا الْبَصَرَ كَرَّتَيْن؛ فسنجد أن العديد من التجارب قد انهارت. “فلا الإخضاع تم، ولا المدينة الفاضلة تحققت؛ ولا التنمية الموعودة والمزعومة هي تحققت. فتلك عبرة الدهر التي لا تُجدي معها المُكابرة والمعاندة النظرية نفعًا.”

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...