لسان حال تمغربيت يقول: “قطع الواد ونشفو رجليه”.. جدلية التفاؤل العاطفي في معادلة الصراع الحدودي والتكامل التنموي بين المغرب والجزائر

إيطاليا تلغراف

 

 

 

الدُّكتور عَبْدُ اللَّهِ شنفار
الكاتب والمفكر المغربي.

 

 

 

كثير هُمُ المغاربة الأحرار الذين استرخصوا أرواحهم وأموالهم تضحيةً في سبيل الله نُصرةً لكفاح شعب الجزائر ذات يومٍ؛ وحتى الذين لم يستطيعوا لذلك سبيلاً؛ فقد أحسوا بالألم والوجع بقلوبهم؛ رِجَال من الْمُؤْمِنِين بقضية الشعب الجزائري وعدالة مطالبه في حق تقرير مصيره والتمتع بالحرية والكرامة الوجوديّة الإنسانية والخروج من تحت هيمنة الاستعمار والحصول على الاستقلال. رجال صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ؛ مِنْهُم من قضى نَحْبَهُ، وَمِنْهُم من لازال ينتظر، وَمَا بَدَّلُوا يوماً تَبْدِيلًا؛ أي أن هؤلاء الرجال: ما غيروا عهدهم، أو وبدلوا الوفاء بالغدر والخيانة، بل استمروا على ما عاهدوا الله عليه، واستمرت اليد الممدودة من ملك عظيم، محمد السادس أنعم الله عليه بالصحة والسلامة والعافيّة، وما نقضوه يوماً كما فعل المنافقون الذين يعملون الآن بعدما قطعوا الوادي ونشفت أرجلهم؛ ونالوا استقلالهم، على معاداة وحدة المغرب وعرقلة مسلسل ومسارات استكمال وحدته الترابيّة، ومُعاكسة كل مصالح المغرب أينما كانت، وأينما وجدت في المحافل الدوليّة وعلى المستوى الإقليمي والعالمي، من خلال التحريض، عبر آلة للإعلام الدعائي المتخصص في نشر الإشاعات، وصناعة المؤامرات، وترويج الأكاذيب وسيناريو محبك من المغالطات والمناورات الدنيئة، بشكل مقيت؛ وكل صور الخبث والحقد البغيض ومختلف الدسائس؛ والكراهيّة؛ وركوب الدناءة والخِسّة من أجل الإساءة لبلد جار.
الإفراط في الاندفاع التشاؤمي؛ أو الإفراط في التفاؤل العاطفي؛ دون تحكيم العقل والحكمة؛ يبعدنا كثيرًا عن فهم الواقع وحقيقة القضايا المجتمعية المطروحة.
لا يمكن اختزال الصراع بين المغرب والجزائر في أغنية “جاري يا جاري يا اللي دارك حدا داري؛ وخلينا نمشي في الطريق”؛ من أجل وحدة المصير والمشترك؛ للفنانة المغربية نعيمة سميح؛ بل المشكل أعمق من ذلك.

ولتناول هذا الموضوع الحساس والجد هام؛ الذي يمشي بنفس المتوالية الحسابية والهندسية للعلاقات الدولية وما تنبني عليه من مصالح وتجاذبات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية؛ ننطلق من طرح بعض الأسئلة التي اعتبرها مفاتيح أبواب لكي نفهم المشكل المطروح بين المغرب والجزائر؛ من خلال الأبعاد التالية: ما هي طبيعة الصراع بين البلدين الجارتين؟ وما هي حدود وخصائص هذا الصراع؟ هل هو صراع صفري يقوم على محاولة إقصاء الآخر واخراجه من المعادلة في الصراع؟ أم هو صراع تنافسي يهدف إلى التفوق الاقتصادي أو السياسي أو الاستراتيجي بالمنطقة؛ وبالتالي يتطلب البحث عن حزمة تسويات؟ من الخاسر في هذا الصراع؟ وماذا خسرا ويخسرا وسوف يخسر كلا الطرفين في هذا الصراع؟ ماذا يقصد بالحدود الشفافة للدول؟ ما موقف السياسة من الاعتراف بالجميل التاريخي؛ ومقولة “قطع الواد ونشفو ورجليه!؟ هل من متدخل بخيط أبيض بين الإخوة لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر؛ أم قدرنا كشعوب؛ هو الاستمرار في الصراع والتناحر إلى ما لا نهاية؟

لكي نفهم طبيعة هذا الصراع؛ لا بد من استحضار واستدعاء التاريخ؛ وحينما نستحضر التاريخ المليء بالأمجاد؛ وليس التاريخ المزيف الذي تعرض للحجب والحذف والزيادة والنقصان والمليء بالكراهية وبالأحقاد؛ لا نستدعيه لدراسته كأحداث وقعت في الماضي فحسب، هكذا ونمر عليه ممر الكرام؛ بل نستحضره من أجل إيجاد حلول لمشاكل وقضايا مطروحة في الحاضر؛ أو لأن هناك استشعار لخطر ما في المستقبل؛ أو لنأخذ منه العبر لحل لغز قائم في الحاضر.
باستحضار مقولة اللورد “ساليسبوري” أحد كبار الإمبريالية من القرن الماضي حينما قال: “قمنا بتوزيع قارة افريقيا على الخريطة وفرقنا الولد عن أخيه وعن أمه وعشيرته التي تأويه؛ وقسمنا الجبال والوديان؛ لم يواجهنا سوى مشكل بسيط؛ وهو أنه أبدًا لم تطأ أرجل الرجل الأبيض أبدًا تلك الارض.”
من خلال هذا القول؛ يمكن أن نفهم الإطار والخريطة العامة للصراع الذي هو من مخلفات حقبة فرض الاستعمار على الجزائر وفرض الحماية على المغرب.

باستحضار التاريخ أيضًا؛ وموقف جمال عبد الناصر العدائي تجاه الملكيات في العالم العربي؛ وعبر دعم الجزائر في اعتدائها على المغرب؛ بقتل عشرة من جنوده الذين يحمون حدوده -وهنا البادي أظلم- ونستحضر اعتقال الضابط المرحوم حسني مبارك آنذاك؛ وما ترتب عن ذلك من اعتقال لفيلق عسكري جزائري بالكامل من قبل القوات المسلحة الملكية المغربية؛ ودعم لا مشروط من نظام الجيش الجزائري للانفصاليين عن المغرب؛ والبحث عن منفذ عبر الاراضي المغربية للمحيط الاطلسي من أجل تصدير السلع والمواد والمعادن بالجنوب الجزائري.
هذا ما ينطبق عليه قول الشاعر طرفة بن العبد: وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضة؛ على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهنّد.
وباستحضار كذلك موقف المرحوم جلالة الملك محمد الخامس؛ حول تأجيل البث في مسألة الحدود المغربية الجزائرية إلى ما بعد استقلال الجارة الجزائر؛ وكذا موقف المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني الذي ينم عن روح التضامن والبعيد عن الانتهازية تجاه الاخوة الجيران؛ يمكن فهم ضياع الفرصة بالنسبة للمغرب في ترسيم الحدود واسترجاع بقية أراضيه التابعة حالياً لسيطرة الجزائر؛ وما تلا ذلك من محنة الأسر المغربية التي تعرضت للتنكيل والإبادة الجماعيّة والطرد التعسفي والجبري القهري وسوء المعاملة من قبل نظام عسكر الجزائر؛ التي لازالت وصمة ووسام عار على النظام العسكري بالجزائر. واستمرت الأيادي الممدودة من طرف جلالة الملك محمد السادس حفظه الله.

فحتى الأمس القريب؛ كان سكان الجنوب الشرقي؛ ورززات والرشيدية وزاكورة وطاطا يستغلون أراضيهم الرعوية في منطقة بشار والطاووس وجمع محصول التمور من واحات النخيل المتاخمة للحدود مع المحاميد الغزلان بإقليم زاكورة. وبالهبش في أرشيف المستعمر الفرنسي ومراسلاته بقيادات بإقليم تنغير وقيادتي تزارين والمحاميد الغزلان وأكدز بإقليم زاكورة؛ أو ما يسمى على عهد الحماية الفرنسية بمكتب شؤون الأهالي Bureau des Affaires indigène توجد مراسلات موجهة للملحق العسكري ببشار من طرف الحاكم بهذه المناطق المغربية يحثه على اتخاذ الاجراءات الأمنية الضرورية لأجل تنظيم المراعي الخاصة بقبائل آيت عطا والقبائل القادمة والمتوجهة إليها من صاغرو نواحي ورززات وتنغير والرشيدية وزاكورة وطاطا. وهذا الكلام ستزكيه حزمة الأرشيف الذي سيسلم للمغرب أثناء حقبة الاستعمار الفرنسي للمغرب والجزائر.

باختصار هذه بعض المحطات التاريخية لكي نفهم طبيعة النزاع بين المغرب والجزائر.
إن مفهوم الحدود الشفافة للدول من حيث تبادل المصالح الاقتصادية والاستراتيجية؛ أصبح يجعل من الصراع حول الحدود غير ذي أهمية؛ وتلك دعوة محمد السادس لمن يبحث منفذ للعبور إلى المحيط الأطلسي؛ التي تهم المبادرة الاستراتيجية الهادفة إلى إحداث منطقة استقرار وازدهار في المجال الأطلسي، كفيلة بمواجهة تحديات انعدام الأمن الغذائي والمائي والطاقي، وذلك من خلال تمكين دول مجموعة الساحل الإفريقي من الاستفادة من المحيط الأطلسي عبر الموانئ البحرية والطرق والبنيات التحتية المغربية.
وكذألك الشأن بالنسبة للمطالبة بالانفصال الذي أصبح غير ذي جدوى في ظل زمن التكتلات بين الدول.
فنحن ننتمي إلى العالم المتخلف الذي يلعب دورًا متواضعًا على المسرح العالمي، وذلك بحكم العلاقة الغير المتكافئة بين الدول الكبرى والمتفوقة اقتصاديا؛ والدول الصغرى المتراجعة حتى اجتماعيًا. فالتعاون شمال جنوب في إطار ما يسمى: “بإمبراطورية الفوضى” لا يعدو سوى شعارًا ديبلوماسياً. وبالتالي فاللحاق في إطار سياسة الاعتماد المتبادل؛ يبقى طوباويًا بحكم عنصر الاستقطاب الذي هو روح الرأسمالية.

يتجاذب المثقف المغاربي؛ الكثير من التفاؤل العاطفي في تناول هذا الموضوع؛ لكن هذا النوع من التفاؤل لن يفيدنا في فهم خبايا وعمق المشكل المطروح. فلدغدغة المشاعر والأحاسيس نستعمل أحيانًا مصطلحات وحدة المصير والمشترك و”خوا خوا”؛ لكن على مستوى الواقع نجد الصورة مخالفة كثيرا لهذا الطرح العاطفي.
إن عنصر التفاعل القائم على الخداع والتضليل في نظرية الفعل التواصلي عند العالم “هابر ماس” الذي ينطلق في نظريته الفعل التواصلي مما يسميه: “المصلحة العملية”؛ حيث تعتبر اللغة من أهم الوسائل للتواصل والتفاعل بين الناس؛ والتي تحدد طرق فهمنا لبعضنا البعض في إطار التنظيمات الاجتماعية؛ حيث يذهب المفكر “هابرماس”؛ إلى أن البنيات الاجتماعية والسياسية والثقافية؛ تنبني على التفاعل القائم على الخداع والتضليل بشكل منظم من أجل تحقيق المصالح الذاتية؛ من خلال الوعي الذاتي بما نفعل وانطلاقا من قواعد التواصل المقبولة اجتماعيا.
فالتفاؤل القائم على العاطفة يقول بأن المغرب بلد فلاحي ويتوفر على الفوسفاط. والجزائر بلد تتوفر على البترول والغاز واحتياطي كبير من معدن الحديد؛ وبالتالي بإمكانهما تشكيل قطب احتكاري على المستوى العالمي؛ وقد يذهب الخيال بعيدًا إلى توسيع الدائرة والحنين الى اتحاد المغرب العربي والتكامل بين خيرات البلدان الخمس: موريتانيا وتونس وليبيا والجزائر والمغرب؛ باللعب على هذا الوتر الحساس في كسب الاستعطاف. فهل قدرنا أن نبقى تحت رحمة هذا الخداع؟
البلد الجزائر فضل المعسكر الاشتراكي الشيوعي مع صرامة في الابتعاد عن النهج الرأسمالي على اعتبارها أنظمة متوحشة؛ أما البلد المغرب ففضل المعسكر الذي ينهج النظام الرأسمالي مع مرونة في التعامل مع المعسكر الاشتراكي؛ وهذا الوضع له تأثير على التقارب والتكامل الاقتصادي بين البلدين؛ لكن على الرغم من هذه التعددية؛ يبقى هناك منطق داخلي يمكن أن يوحدهما.

فهناك عدة نماذج في تأمين الحياة الفردية والجماعية، كالنموذج الأوروبي، النموذج الأسيوي، النموذج الأمريكي، النموذج الإسلامي، وحتى النموذج الدكتاتوري… إلى غير ذلك. وقد احتدم الصراع على أشده بين النموذج الرأسمالي والنموذج الاشتراكي، الذي انتهى بتلاشي الأنظمة الشيوعية، وجاء مقال المفكر الاقتصادي “فرانسيس فوكو ياما” تتويجا أو إعلانا عن هذا التفوق أو التلاشي، وبالتالي إقرار امتياز النمط الديمقراطي الليبرالي الأمريكي والحد الأقصى وقوانين السوق وفصل مجال السياسة عن مجال الاقتصاد. فأصبح من باب الوهم التفكير في التخلي، ومن باب العبث تجاوز مفهومي الدولة الرؤوم ولا الدولة الدركي. فهل وصلنا فعلًا إلى مرحلة عدم تدخل الدولة؟ أو الدولة الأقل تدخلا أو أكثر تدخلًا؟
فقوانين السوق وإدارة الاقتصاد وتنامي وسائط التواصل الاجتماعي؛ جعلت من العالم ككل مجرد مساحة صغيرة جدًا للتداول؛ بينما المجال السياسي والاجتماعي والثقافي؛ أصبح ينحصر في الدولة، سواء كانت متجانسة أو غير متجانسة. لذا أصبحت الدولة تفتقد لفعاليتها، بحيث فقدت الانسجام الذي كان بين مجال إدارة الاقتصاد وإدارة الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية. وهنا كانت تجد شرعيتها، أي من خلال عملية التنسيق الذي تتولاه. إلا أنها فقدت تدريجيًا هذا التواؤم بين هذين العنصرين؛ حيث حصل تناقض كبير بداخلها، فالدولة التي قامت سابقًا على أسس ونظم بورجوازية وطنية، قد أنجزت فعلًا اقتصادًا بورجوازيًا رأسماليا متمركزًا على الذات.

لكن هذه النظم الإنتاجية الوطنية والجهوية والإقليمية والمحلية؛ قد تفككت في الوقت الحالي وأعيد تركيبها في إطار منظومة إنتاجية معولمة، مما أدى إلى أزمة في مفهوم الدولة. وذلك ما نلاحظه في بعض الدول الأوربية؛ بحيث سواء تعلق الأمر باليمين أو باليسار؛ لا يستطيع اتخاذ أي قرار لا يتماشى ومنطق قوانين السوق الأوربية المشتركة، بينما الوعي السياسي والثقافي والاجتماعي، لا يسمح بإقامة دولة أوربية موحدة وفرض إدارة سياسية موحدة بشكل أو بآخر، وبالتالي لا تزال مستقلة بعضها عن بعض على المستوى السياسي والوعي الثقافي؛ بينما على المستوى الاقتصادي والمالي؛ فهي تمثل أجزاءً من منظومة اقتصادية أوربية مندمجة.
فحينما نتحدث عن الصراع الحدودي بين المغرب والجزائر؛ يمكن فهمه في إطار جدلية شرعية ومشروعية القوة؛ وقوة الشرعية والمشروعية في العلاقات الدولية؛ وبأسلوب أكثر وضوحا؛ نقول: جدلية القوة الصلبة والقوة الناعمة؛ في معادلة المصالح المشتركة بين الدول؛ بمعنى ان الجزائر لم تستوعب بعد معنى الحدود الشفافة التي تنبني على المصالح للدول أينما وجدت في العالم؛ وتحاول البحث عن حدود جغرافية من خلال فرضها على خريطة المغرب وتراب المغرب عن طريق القوة عبر وسيط ما يسمى “البوليساريو” وبالتالي منفذًا على المحيط الاطلسي لتسهيل عمليات التبادل التجاري للمعادن المتواجدة جنوب الجزائر.

فقد يبدو من المفارقات الغريبة جدًا مرور أنابيب الغاز الجزائري عبر التراب المغربي في اتجاه اوروبا دون ان يستفيد منه الشعب المغربي في إطار ما يسمى: “خوا خوا”! وهنا يحق لكل مواطن مغربي وجزائري طرح السؤال: لماذا هذا السباق المتزايد نحو التسلح؟ هل هناك تهديد حقيقي بين الاخوة الاعداء؟ ام ان الأمر مجرد وهم من أحد الطرفين؟
تحليل سلوك بعض الانظمة؛ يحيل الى أنها تعتبر نفسها هي الوحيدة التي تتوفر على النسخة الأصلية للحقيقة التاريخية؛ من خلال توظيف مفهوم المظلمة و”الحُكرة” وتحكَّارت؛ وأن موقفه يطابق الحتمية التاريخية أو ميكانيكا التاريخ التي تفضي إلى أنه مع الوقت سوف يتحقق مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير؛ وبالتالي الاستفادة من منفذ على المحيط. في حين تعتبر أن الآخر الذي هو المغرب الجار؛ لا يتوفر سوى على النسخة المزيفة للحقيقة التاريخية والجغرافية.
ان التعاون الاقتصادي والتنموي بين البلدان؛ فهم حديث؛ يتنافى، مع الأسف الشديد، وروح الفكر العسكري التقليدي القائم على مبدأ الهيمنة والاستقواء والاستعلاء على الآخر.
لقد انتهى زمن اليد الممدودة من طرف المَرُّوكْ؛ فقد اتضح له على أنه: “وبموازاة مع هذا الوضع الشرعي والطبيعي لقضية الصحراء العادلة، هناك مع الأسف، يوجد عالم آخر، منفصل عن الحقيقة والواقع، ومازال يعيش على أوهام الماضي، ويتشبث بأطروحات تجاوزها الزمن:

فهناك من يطالب بالاستفتاء، رغم تخلي الأمم المتحدة عنه، واستحالة تطبيقه، وفي نفس الوقت، يرفض السماح بإحصاء المحتجزين بمخيمات تندوف، ويأخذهم كرهائن، في ظروف يرثى لها، من الذل والإهانة، والحرمان من أبسط الحقوق.
وهناك من يستغل قضية الصحراء، للحصول على منفذ على المحيط الأطلسي.
لهؤلاء نقول: نحن لا نرفض ذلك؛ والمغرب كما يعرف الجميع، اقترح مبادرة دولية، لتسهيل ولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي، في إطار الشراكة والتعاون، وتحقيق التقدم المشترك، لكل شعوب المنطقة.
وهناك من يستغل قضية الصحراء، ليغطي على مشاكله الداخلية الكثيرة.
وهناك كذلك من يريد الانحراف بالجوانب القانونيّة، لخدمة أهداف سياسية ضيقة.
لهؤلاء أيضاً نقول: إن الشراكات والالتزامات القانونية للمغرب، لن تكون أبداً على حساب وحدته الترابيّة، وسيادته الوطنية.
لقد حان الوقت لتتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها، وتوضح الفرق الكبير، بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته.” مقتطف من الخطاب السامي لجلالة الملك بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء.
إلى متى يستمر هذا النزاع؛ تلك هي الجدلية في الصراع بين الدول في معادلة التكامل التنموي والحفاظ على المصالح المشتركة وحقوق وحريات ومصلحة وقضايا وإرادة الشعوب والأمم؛ التي تبقى قنبلة موقوتة لم ولن تجف رغم توقف الوادي في بعض المواسم عن الجريان.

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...