الدوحة تحتضن قمة عربية إسلامية طارئة لبحث العدوان الإسرائيلي على قطر
عبد الله مشنون
كاتب صحفي مقيم في ايطاليا
في تطور غير مسبوق، أعلنت وكالة الأنباء القطرية (قنا) أن العاصمة القطرية الدوحة ستستضيف قمة عربية إسلامية طارئة يومي الأحد والاثنين المقبلين، لبحث سبل الرد على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الأراضي القطرية، في حادثة وُصفت بأنها انتهاك صارخ للسيادة القطرية وتحدٍّ خطير للأعراف والقوانين الدولية.
الهجوم، الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي واستهدف مقرات سكنية لقيادات من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الدوحة، قوبل بموجة استنكار واسعة على المستويين العربي والدولي، باعتباره تجاوزًا غير مقبول للدور القطري كوسيط في جهود التهدئة، وخطوة تصعيدية قد تُشعل فتيل أزمة إقليمية أوسع.
مصدر دبلوماسي رفيع، صرّح لموقع الجزيرة نت، بأن القمة المرتقبة ستشهد مشاركة عربية وإسلامية واسعة النطاق، مع تأكيد على أهمية بلورة موقف جماعي موحد تجاه هذا الاعتداء الإسرائيلي. وأضاف المصدر أن صياغة موقف واضح وموحد من جميع الدول المشاركة سيكون في صلب جدول أعمال القمة.
من جهته، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” الأميركية، أن الدوحة ستستضيف هذه القمة الحساسة خلال الأيام القادمة، وستُركز على بحث سبل الرد بشكل جماعي وفعّال. وشدد على أن قطر لا تملي على شركائها الإقليميين كيفية الرد، لكنها تؤمن بضرورة اتخاذ موقف عربي إسلامي صارم تجاه ما حدث.
وفي تعليقه على تهديدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال الشيخ محمد: “قطر لا تقبل التهديدات، ولدينا حوار عميق مع شركائنا في المنطقة حول الرد المناسب”. وأضاف أن نتنياهو لا يهدد فقط قطر، بل دولًا أخرى لم تشكل له أي تهديد، وهو ما يضع المنطقة بأكملها أمام تحدٍّ جديد يجب مواجهته بجدية.
وفي رسالة سياسية حازمة، أوضح الوزير القطري أن الرد الإقليمي جارٍ تحضيره بالتنسيق مع الدول الشريكة، معربًا عن أمله أن يكون هذا الرد حقيقيًا ويضع حدًا لـ”بلطجة إسرائيل”، على حد وصفه.
وفي إشارة إلى موقف واشنطن، قال الشيخ محمد إن قطر تلقت “رسالة قوية” من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن القصف الإسرائيلي، مثمنًا هذا الموقف، لكنه شدد على ضرورة ترجمته إلى خطوات عملية تُوقف هذه الانتهاكات.
الوزير القطري لم يتردد في التنديد بالسلوك الإسرائيلي، قائلًا إن نتنياهو يحاول تقديم “محاضرات قانونية” وهو نفسه منتهك صريح للقوانين الدولية ويُجوع قطاع غزة. وأكد أن نتنياهو يجب أن يُقدم للعدالة، مشيرًا إلى أنه بالفعل مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية.
في ملف الوساطة، وجه الشيخ محمد انتقادًا واضحًا لنتنياهو، مؤكدًا أنه لم يكن جادًا في التفاوض، بل كان “يضيع الوقت”، وأن قصف وفد حركة حماس أنهى عمليًا كل أمل في إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة.
وقد قوبل القصف الإسرائيلي على الدوحة بإدانات رسمية وشعبية من عدة عواصم عربية وغربية، معتبرين أن ما جرى لا يمس فقط قطر، بل يهدد قواعد العلاقات الدولية ويفتح الباب أمام فوضى غير محسوبة العواقب.
وفي الختام، استضافة قطر لهذه القمة الطارئة ليست مجرد علامة على التضامن، بل إعلان صريح بأن السيادة العربية ليست مساحة للمساومة. إن الاعتداء على العاصمة القطرية لا يُمحى بإدانة لفظية فقط، بل يتطلب موقفًا جماعيًا موحدًا، لا خطوة إلى الوراء فيه، يضع حدًّا للانتهاكات ويُعيد الكرامة التي تُستباح. فهل تفي هذه القمة بالغرض، وتتجاوز حدود الكلمة لتصنع الفعل؟