الوُجود الفعلي لثقافة المشروع وإعاقة التنزيل..

إيطاليا تلغراف

 

 

 

 

* الدكتور عبد الله شنفار

 

 

 

لماذا تقع لدينا الإعاقة عند تنزيل وتصريف فكرة مشروع استثماري أو فكري أو ثقافي؛ نحمله بين طيات أفكارنا؟ كيف تصبح فكرة المشروع ممكنة؟

التفكير الاستراتيجي يقوم على نظام: توقعات جيدة من خلال مرونة في التفكير وتموقع جيد يقوم على التأطير المحكم؛ من أجل إنتاج خريطة نوايا استراتيجية؛ تتحول إلى خطة استراتيجية قابلة للتنفيذ في شكل تلبية قضايا ملفات مطلبية؛ عبر: مدخلات وعمليات ومخرجات وضابط ونظام تحكم. تتولد عنه مجموعة من القرارات؛ قد تخلف ردود فعل: بين مؤيد ومعارض وغير مبال بها. ثم يلي ذلك تغذية-راجعة

مسلسل ومسارات المشروع الاستثماري أو الفكري؛ تمشي وفق متوالية حسابية وهندسية كمية وكيفية ونوعية متعددة الأبعاد؛ ويمكن تلخيصه في العملية التالية: فالمسلسل؛ يساوي +مسارات زايد تراكم جهد فكري؛ زائد احتشاد جهد مادي وبشري. ويقوم على أساس: العمل؛ والفعل ورِدَّة الفعل؛ والصنع وحسن الصنع. وإخضاع الكل في مجمله لنظام تقييم ومعايرة المردودية والكفاءة والأداء الذي يعتمد كمعيار ومؤشرات آلية ال: 360 درجة.

في مسلسل ومسارات المشروع؛ ومن خلال طرح الإشكالات والتساؤلات، المتعلقة به؛ يمكن إبراز محاور أساسية في تناوله:

1. المحور الأساسي؛ له ارتباط بأهمية البحث والدراسة والحوار والمناقشة والتداول حول مسلسل ومسارات المشروع.
2. المحور الأول؛ له ارتباط بالإطار النظري والمعرفي والمفاهيمي.
3. المحور الثاني؛ وله ارتباط بالإطار المنهجي.
4. المحور الثالث؛ وله أرتباط بالإطار العام؛ أو الخريطة العامة للمواضيع المراد تناولها أو موضوع النقاش.
5. المحور الرابع؛ وله ارتباط بالهدف المرغوب الوصول إليه.

وهذه المحاور في ترابطها تؤدي إلى إشكالية ثلاثية الأبعاد تتجلى في:

⁃ أولًا: مسلسل ومسارات المشروع؛ وإشكالية تحديد الموضوع.
⁃ ثانيًا: مسلسل ومسارات المشروع؛ وإشكالية المقترب أو المنهج.
⁃ ثالثًا: مسلسل ومسارات المشروع؛ وإشكالية التراكم والاحتشاد.
⁃ رابعًا: مسلسل ومسارات المشروع؛ وإشكالية العلاقة بين الجانب النظري والتنزيل والتصريف على أرض الواقع.
⁃ خامسًا: مسلسل ومسارات المشروع؛ وإشكالية تحديد الهدف.

منذ الإعداد للمشروع؛ مرورًا بالمصادفة عليه ووصولًا إلى التنفيذ؛ والمواكبة والتتبع؛ وانتهاءً بالمراقبة والتقييم والتصحيح؛ يتطلب المشروع الاستثماري الإجابة على عدة أسئلة منهجية وتقنية يمكن اختزالها فيما يلي:
انطلاقًا من أسئلة منهجية مضبوطة؛ علينا أن نعرف:
* ما هي طبيعة هذا المشروع الذي نحمله؟ وما هي مجالاته؟ وما هي واقعيته؟ وما هي حدوده؟ ما الجدوى منه؟
* ماذا لدينا من الموارد المالية والبشرية والمتطلبات والمشاكل والمعيقات والاكراهات…؟ ماذا نريد أن نفعل؟ ماذا نقدر على فعله؟
* كيف ومتى نفعل أو نتبنى هذا المشروع أو ذاك، حتى نستطيع إنتاج وخلق وتحقيق الثروة والربح من خلال هذا المشروع؟
* ماذا عن مختلف عوامل الإنتاج المتدخلة في المشروع؟
المشروع الاستثماري هو مجرد آلية لإنتاج وخلق وتحقيق الثروة؛ ويعني بكل بساطة؛ مجموعة عمليات محدودة في الزمان والمكان في إطار محيط سوسيو-اقتصادي، يستهدف بلوغ هدف معين في جدلية اعتماد متبادل بين الفكر والواقع.

وهذه العمليات تسير حسب متوالية حسابية وهندسية متوازية في التغذية الراجعة (feed-back) تنطلق من العناصر والمحددات التالية:

أولًا: رسم فكرة للمشروع المراد إنجازه، وهي عملية مفاضلة بين عدة خيارات مطروحة، والتي تتوقف على اختيار واحد من بين هذه الخيارات والبدائل والتي تعتمد عدة معايير وأبعاد تشمل ما يلي:
• تحليل الحاجيات والمتطلبات،
• تحديد المجموعات أو المناطق المستهدفة به؛
• القيام بعملية مفاضلة واختيار بين عدة متغيرات؛ تقنية، ومالية، مؤقتة؛ أو نهائية محسوم فيها…؛
• معرفة إمكانيات عوامل الإنتاج والمساحة المتاحة للتسويق او التصدير؛ محلي وطني، عالمي…
• عملية تقييم أولية لنتائج وآثار المشروع المراد إنجازه؛
• من خلال صياغة ذلك في إطار خطة تدقق المراحل اللاحقة؛
ثانيا: بلورة الفكرة حول المشروع بطريقة أكثر تفصيلا، وذلك من خلال:
• مظاهر المشروع: وتعني الأهداف والنتائج المتوخاة وطبيعة الأشغال
• مظاهر التمويل: تكلفة المشروع، وطريقة تمويله؛ هل هو تمويل ذاتي؛ أو اللجوء إلى الاقتراض؛ أو في اطار الشراكة…
• مظاهر التنفيذ: مذكرة حول توقعات الإنفاق والمصاريف.
ثالثا: التحليل والدراسة للمشروع أو الفكرة، وهي:
• مجموعة مدخلات وعمليات ومخرجات ونظام تحكم؛ تتخلل مراحل المشروع، وهي إما دراسة أولية أو دراسة انحرافية، وتعتمد التحليل التقني، والنقدي والمالي والاقتصادي، وكلها تحاليل ودراسات في علاقة جدلية.
رابعا: اتخاذ قرار تبني فكرة المشروع: وهي مرحلة حاسمة في مصير اللجوء والإقدام على الاستثمار، بناء على توفر المعلومات الكافية حول المشروع. وهنا تأخذ إما:
• مسار المصادقة النهائية اقتناعًا بأهمية المشروع.
• أو طلب مزيد من الدراسة التكميلية حول المشاريع المضمنة بالمشروع، نظرًا لعدم اتضاح الرؤية جيدًا موقتًا.
• أو التخلي نهائيًا عن المشروع لأسباب عدم مردوديته، أو قلة الإمكانات والمتاح من الموارد أو معارضة الأغلبية للمشروع إلى غير ذلك من العراقيل والأسباب.
خامسا: الشروع في التنفيذ:
* بمجرد المصادقة واتخاذ قرار الاستثمار يشرع في انطلاق المشروع وخروجه إلى حيز التطبيق.
سادسا: التتبع عبر تنفيذ المشروع:
* ويتخلل مراحله نسق من عمليات التتبع؛ من رقابة وتسجيل مدى التقدم الحاصل في المشروع والاحاطة بجميع التوقعات أثناء التنفيذ… وغيرها من الاجراءات المواكبة.
سابعا: نهاية المشروع؛

* وتعني انخراطه ضمن المشاريع الموجودة أو في استقلاليته لكونه حديث النشأة، وهنا لازال يتطلب الأمر مزيدًا من الحدر كون المشروع في بداياته الأولى. ثامنا: التقييم اللاحق للمشروع:
* وتعني؛ تقييم لدرجة النجاح أو الفشل، ومواطن الضعف والقوة في مراحل تنفيذ المشاريع المتضمنة به لاستنتاج الدروس والحكمة في المشاريع المستقبلية.
من خلال هذه المقاربات؛ التي تتيح لنا مفاتيح السفر لبلوغ أبواب فضاءات إمكانية تجاوز مساحة أن نبقى عالقين دون الوصول إلى مستوى التنزيل وتصريف ما يختزله خيالنا من إبداع في معادلة التحلي بالشجاعة والجرأة وركوب المخاطر والتحدي.

• والخلاصة:
في زمن يفيض بالعلم والمصادر والمراجع العلمية والفكرية؛ وبكم هائل من المعلومات؛ يغرق الكثيرون في غياهب الجهل! يغرق الكثيرون في العمل والفعل الإجرائي.
وبالتالي استئصال العبث والوعي المزيف؛ إحدى المقدمات الصحيحة لإنشاء المجتمعات الحديثة ذات الفاعلية.
*كاتب وفكر وراصد اجتماعي ومحلل سياسي واقتصادي مغربي

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...