الأدوات الأربعة والتحكم الخفي في العالم..

إيطاليا تلغراف

 

 

 

* الدكتور محمد الخمسي

 

 

من باب الإشفاق أحيانًا على بعض التحاليل السياسية والاقتصادية المنفصلة عن جملة من بعض الحقائق، والتي تغيب عن وعي أو بدون وعي عند قراءة المسارات الكبرى المتحكمة في العالم ومنها:
– هناك ملايير الدولارات تأتي من رباعية لا يعرفها إلا العالم السفلي:

1. صناعة الجنس والمخدرات، وما يرتبط بهما من بيع المتعة المرهقة للإنسان والمستنزفة لطبيعته المحدودة. فالمعروض من الجنس يفوق رغبته، والمعروض من المخدرات؛ نوع من الفرار من جحيم العالم بعنفه الاقتصادي والاجتماعي إلى حد أن الأمراض النفسية تفوق دون إحاطة الأمراض الجسمية.
2. تجارة السلاح بكل أنواعه. فباستثناء بيع الطائرات التي لازالت تخضع لنوع من الرقابة النسبية؛ نظرًا لحساسيتها السياسية والعسكرية؛ فإن جميع أنواع السلاح دخلت السوق السوداء بما فيها الأسلحة الثقيلة، وقد أضيف اليوم دخول البترول السوق السوداء، فلا يعرف لحد الآن كم ينتج ضمن هذا السوق، الذي دخلته دول كبيرة لأسباب جيوسياسية بامتياز.
3. تجارة الأعضاء والاتجار في البشر؛ وهي غير سوق بيع البشر؛ لسرقة الأعضاء، واختطاف الأطفال ونزع جزء من جسمهم وما يرافق ذلك من إعاقات مستدامة إن هم بقوا على قيد الحياة. وهي سوق سيئة وجريمة إنسانية مكتملة الأركان، ورائها دول ومؤسسات عاملة في الحقل الطبي تقتل الأصحاء من الفقراء لإنقاذ حياة الأغنياء من المرضىى، وهي غير الصناعات المرتبطة بالجنس، فتلك قصة أخرى ترتكز على إنتاج الصورة وتسويق المتعة، وكل ذلك عبر شبكات تكنولوجية وأقمار اصطناعية تصل أبعد نقطة جغرافية من هذا العالم.
4. هناك حركة مالية تتحرك فيها الأموال بالملايير الدولارات، والمرتبطة بالذهب المنهوب؛ وما الحرب في السودان إلا مثال واحد من الأمثلة، وتجارة الماس الملطخ بالدماء والقتل والصراعات… كل ذلك مرتبط بأبناك عالمية تسهر على استقبال هذه الأموال وضخها في المسارات المالية السليمة. فهي الوسيط بين المال الفاسد، والمال القانوني

إن المصادر الأربع هي مصدر قوة العالم الخفي، الذي يمسك بخطوط اقتصاد دول ومجتمعات بكاملها ومن هنا نحن أمام:

هذا العالم الذي لا يعرف حجمه وقوته وإمكانياته سوى أقوى الاستخبارات العالمية، وبالتالي كل المحللين والخبراء الرسميين يعتمدون على معطيات جزئية، أو ممنوحة، والباقي؛ أي الحجم الكبير من حيث القوة المالية والاقتصادية تتحكم فيه أجهزة بهندسة تتجاوز الحكومات والوزراء.
مرة أخرى أشفق على ذلك الباحث الذي يبحث عن كيفية استمرار راتبه بالاعتماد على معطيات جزئية؛ لكون المعطيات الحقيقية مدفونة تحت الأرض.

وأشفق على أعضاء في أحزاب يتوهمون أن الفعل السياسي داخل حزبه يصنع الأحداث، وهو لا يؤثر ولو على حياة معزة في رأس الجبل؛ لأنه ترس في نسق رهيب.

*المفكر الاستراتيجي والراصد الاجتماعي المغربي

إيطاليا تلغراف


شاهد أيضا
تعليقات
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء اصحابها وليس عن رأي جريدة إيطاليا تلغراف.
تعليقات الزوار
Loading...